samedi 31 mai 2014
jeudi 29 mai 2014
وصية مودع
lundi 26 mai 2014
samedi 24 mai 2014
الهدف: بين الإفراط و التفريط
بسم الله الرحمن الرحيم
الهدف: بين الإفراط و التفريط
أيها الإخوة
إن التطرف والغلو والتساهل والتفريط كلاهما داء واحد، ومشكلة واحدة..
يقول ابن القيم في كتابه (إغاثة اللهفان)
"ومن كيد الشيطان العجيب، أن يشام النفس – أي يقترب منها – ويلتمس ما فيها، ويحس، ويشعر، ويعرف أصل المسألة في النفس. إنه يشام حتى يعلم أي القوتين تغلب عليها؛ قوة الإقدام والشجاعة، أم قوة الانكفاف والإحجام والمهانة"
حين يلتزم الملتزم ويبدأ الطريق، نقول له:
أخي الملتزم وحبيبي في الله
إنك حين تلتزم بعد فترة من المعاصي والسيئات، وتترك الشيطان، وتقبل على الله لا يتركك الشيطان، كيف وقد خدمك سنين؟! كيف وقد كنت صديقه الحميم؟! كيف وقد كنت حبيبه القريب؟! كيف وقد كان يستعملك في نصرة باطله على دين الله؟! كيف يتركك؟! إنه يقترب منك، يريد أن يضلك بأية طريقة، فيبدأ أول ما يبدأ يشام النفس، فيستشعر أنك حاد نشيط قوي النفس، أو أنك مهين بطيء لين بعيد هادئ ليست فيك أية قوة، ينظر أي القوتين تغلب، فإن رأى الغالب على النفس المهانة والإحجام، أخذ في تثبيطك وإضعاف همتك وإرادتك عن المأمور به وثقله عليك، فهون عليك تركه جملة أو تقصيرًا فيه.
إخوتاه
إن من أقدار الله الكونية العجيبة وجود تلك الجماعات، فأنت تجد على طرف أناسًا في منتهى الحماس والقوة، يغلبهم الطيش فيتصرفون بدون عقل ولا علم. وعلى الطرف الآخر تجد أناسًا لا يتكلمون إلا فيما فوق السماء وتحت الأرض، وما بينهما لا علاقة لهم به، لا يأبهون بأمراض الأمة ولا بتغيير منكر ولا بشيء، وهذا من عجيب تقدير الله سبحانه وتعالى.
→ طرفان ←
تجد الإنسان يبحث عما يناسبه من هذين، والشيطان يجره إلى ما يناسب نفسه، إن رأى نفسه تميل إلى المهانة والإحجام ثبطه وقال: " لا داعي للتشدد ولا للتقعر والشدة، لماذا إجهاد النفس؟ .." ثم يتهم الجماعات المخالفة له بالعُقد والتزمت.
وإن رأى الغالب عليه قوة الإقدام وعلو الهمة أخذ يقلل عنده المأمور به؛ كقصة الشباب الثلاثة الذين أتوا بيوتات النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه عن عبادته فكأنهم تقالوها. تعْجب وأنت تقرأ الحديث – رضي الله عنهم أجمعين – ! تعْجب من أناس يستقلون عبادة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم تقالوها، و ذلك أن الشيطان أخذ يقلل عندهم المأمور ويوهمهم أنه لا يكفيهم، وأنهم يحتاجون معه إلى مبالغة وزيادة. يقصر بالأول، ويتجاوز بالثاني يشده إلى أعلى.
وكما قال بعض السلف: "ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان، إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي الشيطان بأيهما ظفر، وقد اقتطع كثيرًا من الناس، إلا أقل القليل في هذين الواديين".
وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدي، والقليل منهم الثابت على الصراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه.
و تلك مصيبة، مصيبة ضخمة أنك تجد إنسانا يشتد في الأمر ويغلظ فيه، فيتجاوز الحد، وآخر يفرط فيه، فلا تجد له أصلاً.
يقول ابن القيم: " فقوم قصّر بهم الشيطان عن الإتيان بواجبات الطهارة،وقوم تجاوز بهم إلى مجاوزة الحد بالوسواس".
كنت أتوضأ بالجامع الأزهر يوما، ثم رأيت رجلاً في أثناء الوضوء وهو يمسح على رأسه، فما مسّ إلا أقل القليل في أسفل الرأس عند خط انتهاء الشعر، فقلت في نفسي: "أهذا هو مسح الرأس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟" وعندما اقتربت منه لأنصحه برفق قال لي: "وماذا في ذلك يا جاهل؟" قلت: "سبحان الله! وماذا يضرك لو فعلت السنة وهي الأحوط ومسحت بجميع رأسك؟! "
على النقيض من هذا المثال تجد آخر يضع رأسه كلها تحت الصنبور، ولا يصدق أنه قد مسح رأسه، ومثل هؤلاء من أصحاب الوساوس كثيرون.
→ طرفان ←
قوم قصّر بهم الشيطان عن إخراج الواجب من المال؛ الزكاة المفروضة، وقوم تجاوز بهم حتى أخرجوا جميع ما في أيديهم، وقعدوا كلا على الناس مستشرفين ما بأيديهم.
قصّر بقوم عن خلطة الناس حتى اعتزلوهم في الطاعات كالجمعة والجماعات، وتعلم العلم، والجهاد، وتجاوزبقوم حتى خالطوهم في الظلم والمعاصي والآثام.
قصر بقوم حتى منعهم من الانشغال بالعلم الذي ينفعهم، قالوا: "العلم يفرق"!"العلم يقسي القلب"! "خلافات العلماء"! "نكتفي بكذا وكذا"! .. وتجاوز بآخرين حتى جعلوا العلم وحده هو غايتهم دون العمل به ولا الدعوة إليه ولا تعليمه، فصار العلم عندهم غاية، رغم أنه وسيلة للعمل.
وقصّر بقوم حتى زين لهم ترك النكاح و هو سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم، فرغبوا عنه بالكلية، وتجاوزبآخرين حتى زنوا ووقعوا في الحرام.
قصّر بقوم حتى جفوا الشيوخ من أهل الدين والصلاح، وأعرضوا عنهم، ولم يقوموا بحقهم، وتجاوز بآخرين حتى عبدوهم مع الله.
هكذا تجدهم، تقول: "إن الإمام أحمد كان يقول كذا". فيرد عليك قائلا: "الذي يقوله لا يلزمني؛ هم رجال ونحن رجال!!"
وتجاوز بالصوفية حتى جعلوا شيوخهم آلهة مع الله.
قصّر بقوم حتى منعهم قبول أقوال أهل العلم، ولم يلتفتوا إليها بالكلية، وتجاوز بآخرين حتى جعلوا الحلال ما أحلوا والحرام ما حرموا، وقدموا أقوالهم على قول الله - جل وعلا- وكلام النبي صلى الله عليه و سلم.
هذا عمل الشيطان. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".
وقال: " هلك المتنطعون".
وقال: " إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا واستعينوا بالغدوة، وشيء من الدلجة".
فالتطرف والغلو من الأسباب التي تنحرف بالكثيرين عن طريق الالتزام، فالذين يحملون أنفسهم فوق ما تطيق ولا يقبلون التوسط في شيء، ويصرون على الغلو في كل شيء، هؤلاء معرضون بشكل أو بآخر لانتكاسات نفسية وإيمانية.
أيها الشباب
إنني – والله – لكم ناصح أمين
إن النفس البشرية ضعيفة، وهي قد تتحمل العزائم حينا، ولكنها لا تقوى على حملها في كل حين أبد الدهر. لذا قال النبي صلى الله عليه و سلم: " يا حنظلة، ساعة وساعة ".
≈ انتبه ≈
"ساعة و ساعة" بفهم سلفي، ليس بفهم المتسيبين.
ليس بفهم الذين يقولون: "ساعة تسمع القرآن، وساعة تسمع الأغاني!" ليس بفهم: "ساعة تصلي، وساعة تزني!" ليس بفهم: "ساعة تجلس في مجلس الذكر وتلاوة القرآن، وساعة تقامر وتلعب وتعصي الرحمن"
لا
بل ساعة وساعة، أي ساعة يعلو فيها الإيمان حتى تكون الجنة والنار كأنهما رأي عين، وساعة تعافس فيها الزوجات، وتلاعب فيها الأولاد، وتعالج فيها الضيعات، فينخفض المستوى الإيماني قليلاً، ولكنه لا يبلغ درجة الوقوع في الحرام أبدا، بل ولا حتى التوسع في المباحات.
لذا أيها الإخوة، تدرجوا في التحمل حتى تتمكنوا من الاستمرار، ولا تحملوا النفس بالتكاليف دفعة واحدة.
إن شرع الله يجب أن يؤخذ بلا زيادة أو نقصان، فالذي يزيد فيه كالذي ينقص منه، وحدود الحلال والحرام يجب التزامها - كما جاء بها الشرع - بدون تحايل عليها أو تأويل لها أو تساهل بها، فالذي لا يعرف من صفات الله إلا أنه غفور رحيم، يجب أن يصحح معلوماته، ويعرف أنه كذلك شديد العقاب، والذي لا يعرف إلا: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12] يجب أن يصحح فيعرف أنه أيضاً رحيم ودود.
أيها الإخوة
إننا ينبغي أن ننتبه لهذه القضية، فإنك قد تجد بعض الناس في بداية الالتزام يلزم نفسه بتحريم كل شيء دون اجتهاد في العلم، ودون صبر في الطلب، ودون إذعان إلى كلام العلماء الكبار الذين عرفوا الشرع من منابعه، وتلقوه من مصادره، واستقبلوه من أسسه وأصوله، فلذلك تجد هؤلاء أول من يقعون فيما حرموا، ثم بعدها يكون التفلت والعياذ بالله، وقد ذكرت لكم أن النفس قد تتحمل في البداية، ولكنها لا تستطيع أن تتحمل دائماً إلا شرع الله، لأنه معلوم أصلاً أن الله لا يكلف بما لا يطاق، فإذا التزمنا الشرع فكل ما أمر به الشرع يطاق، ويمكن الاستمرار عليه، أما ما ابتدعناه واخترعناه وأخرجناه من عند أنفسنا دون كلام كبار العلماء من أهل السلف – رضوان الله عليهم – فإننا لا نطيقه، لذا سرعان ما ننكص ونعود.
في مقابل ذلك، نرى أن الذي عوّد نفسه على الرخص في كل حين لن يتمكن من حملها على العزائم في أي حين، لأن من تعوّد الرخص يسقط في أول امتحان عزيمة، وتكون البلية والنهاية.
إنني أرى بعض إخواننا - وللأسف الشديد- كل حياته رخص، كل حياته تساهل؛ في حياته التجارية، تعاملاته المادية، في حياته العائلية، في حياته الوظيفية، في كافة شؤونه، لا يكاد يرى حرجا في شيء، ولو رده إلى الشرع لوجد فيه انحرافاً وإثماً مبينا، و قديما قال بعض العلماء: "من تتبع رخص العلماء تزندق".
فمثلاً يسلم على النساء زاعما أنهن من القواعد، وينظر إليهن قائلاً: "إن النظرة الأولى إذا كانت بدون شهوة ولا رغبة فلا بأس". ثم يأكل الحرام و يقول: "إن الأصل في الأشياء الحل"، و"هذه فيها شبهة"، و"أنا محتاج"، و"تلك ضرورة".. وهكذا يتوسع ويتوسع حتى تصبح حياته محطا لكل رذيلة، يجمع فيها سقطات العالم كله، وهذا – للأسف الشديد – لابد أن يسقط سريعاً؛ لأنه لا يبقى له من دينه من شيء.
قال الحسن رضي الله عنه: " السنة – والذي لا إله إلا هو – بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها - رحمكم الله - وقد كان أهل السنة أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، إنهم الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم، ولا مع أهل البدع في بدعهم، وصبروا على سنة نبيهم حتى لقوا ربهم، فكذلك فكونوا - إن شاء الله- ".
و السؤال الآن:
ما السبب في الغلو والتفريط؟ في التنطع والترك؟
←السبب هو الهوى
فإن الإنسان يتابع هواه، وإذا دخل الهوى إلى القلب وضخّه مع الدم، توغل في العروق والمفاصل، فصارت العروق تنبض بالهوى، والمفاصل تتحرك بالهوى، فلا تصل إلى الله أبدا؛ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين؛ ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة؛ وهي الجماعة" – زاد بعضهم في رواية – وإنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله".
أيها الإخوة
إننا لا نعرف الاتزان والوسطية في اختلافاتنا، ولا علاقاتنا للأسف الشديد، ولكن يجب أن نعرفها على الأقل في ديننا، وهذا هو الأصل، وهو العلاج.
ما هو علاج الغلو والتفريط؟
←العلاج هو العلم
فبدون العلم لا يأمن الإنسان على نفسه الانحراف عن الصراط المستقيم، وقد أتي الكثير من قِبل الجهل وقلة العلم، ثم إنه لابد من طلب العلم بمنهجية.
إن الإخوة ما زالوا يطلبون العلم هواية، وهذا لا يصلح ولا يصنع علما، ولا يثمر ثباتاً، لابد من طلب العلم بجدية ومنهجية وانضباط.
بوّب الإمام البخاري بابا فقال: "باب العلم قبل القول والعمل" لقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]لذا قال علماؤنا - رحمهم الله - " إن كل سَيْر لا يصاحبه علم يخاف عليه أن يكون من خدع الشيطان".
لابد في سيرك إلى الله من علم، لابد من قوتين: قوة علمية تعرف بها الطريق وقوة عملية تسير بها، فالعلم بلا عمل يؤدي إلى النفاق، والعمل بلا علم يؤدي إلى الابتداع، والنجاة في العلم والعمل، لابد من علم وعمل، فالشيطان حين يرى عبدا من عباد الله قد عزم على السير إلى الله، فإنه يحاول منعه بكل الطرق والوسائل، فإن لم يجد الشيطان بدا من سير العبد سيّره بجهل فضلّله.
قال الله:{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل:24]
وقال عز من قائل:{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (*) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف: 37،36].
إنني كثيرا ما أذكركم بأية - أحسبها أخوف وأخطر آية في القرآن- وهي قول الله تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (*) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} .
أخَــيّ
إنك لابد وأن تثبت حتى تمتلئ يقينا أنك على الحق الصرف، وأنت ترى الشيطان إذا حاول الإنسان أن يسير في الطريق بدون علم، يحاول أن يشككه في أمور العقيدة، فيطرح عليه أسئلة عن الخلق والقدر، عن الأسماء والصفات..الخ، فإن لم يتحصن السائر إلى الله بالله ثم بالعلم، فإنه سيسقط في براثن الشيطان، ويبدأ في الانحراف عن الصراط المستقيم، كما كان الحال من الفرق الضالة التي تسمع عنها، والشيطان قد يزين للإنسان الباطل فيراه حقا.
يقول ابن القيم:" فمن الناس من يتقيد بلباس لا يلبس غيره، أو بالجلوس في مكان لا يجلس في غيره، أو بمشية لا يمشي غيرها، أو بزي وهيئة لا يخرج عنها، أو بعبادة معينة لا يتعبد بغيرها، وإن كانت أعلى منها، أو بشيخ معين لا يلتفت إلى غيره، وإن كان غيره أقرب إلى الله ورسوله منه، هؤلاء كلهم محجوبون عن الظفر بالمطلوب الأعلى مصدودون عنه"
والطريق الوحيد لأن تعلم أنك على الجادة الصحيحة أن تأتي جميع أعمالك خلف رجل واحد هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم.
إن الشيطان يحاول وسيحاول دائماً وجاهداً أن يوقع العبد في البدع والشهوات، فإن لم يتحصن بالعلم، ولم يتبع هدي الرسول صلى الله عليه و سلم ولم يقتفِ أثره، فسيقع فيها دون أن يدري.
فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم - وهو المعصوم و أفضل الخلق - لم يترك الزواج، لم يعتزل الناس، ولم يترك التداوي، فلا ينبغي أن نخالفه قيد أنملة، فالشريعة هي الحجة، وأفعال الرسول وتوجيهاته هي الميزان الذي نزن به أفعالنا، فنجعله صلى الله عليه و سلم - كما قال ابن القيم – " إماما وقدوة وحاكما، نجيبه إذا دعانا، ونقف معه إذا استوقفنا، ونسير إذا سار بنا، ونقبل إذا قال،وننزل إذا نزل، ونغضب لغضبه، ونرضى لرضاه، إذا أخبرنا عن شيء أنزلناه منزلة ما نراه بأعيننا، وإذا أخبرنا عن الله بخبر أنزلناه منزلة ما نسمعه من الله بآذاننا، فالطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأتباع الرسول إذا قعدت بهم أعمالهم قامت بهم عزائمهم وهممهم ومتابعتهم لنبيهم، والمنحرفون عن طريقه إذا قامت بهم أعمالهم واجتهادهم، قعد بهم عدولهم عن طريقه"
ولابد هنا من ضابط آخر لمسألة اتباع النبي صلى الله عليه و سلم وهو فهم السلف، فلا بد أن نأخذ الكتاب والسنة بفهم هؤلاء السلف؛ انتبه إلى قول بعض السلف في قاعدة من القواعد الفقهية بأن: " كل نص عام لا يجوز العمل ببعض أفراده إلا إذا سبق عمل السلف به".
مثاله: نحن دخلنا المسجد بعد أذان العشاء وقبل الإقامة، والرسول صلى الله عليه و سلم قد قال :" بين كل أذانين صلاة" و لدينا ركعتان سنة هنا، فيقول البعض: "ما رأيكم أن نصليها جماعة"، فهل يصح هذا أم لا؟
لقد قال رسول صلى الله عليه و سلم :"صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" فصلاة الجماعة أفضل، فهل تصلي جماعة؟
كان رد العلماء أن هذا نص عام، لا يجوز تخصيصه في مسألة أو قضية، إلا إذا كان قد جرى عمل السلف بهذه الطريقة، لذلك الذين يقولون أذكار الصباح والمساء في جماعة، والذين يصلون ركعتي الضحى في جماعة.. إلخ نقول لهم: "اتقوا الله، فإن هذا لا يجوز"، أما عندما رأينا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد صلى الشفع والوتر في رمضان في جماعة، فتكون صلاتها في جماعة سنة.
فكل نص من نصوص العموم، لا يجوز تخصيصه إلا إذا عمل السلف به.
فينبغي أن نعلم أن القضية ليست النص وحده، وإنما القضية فهم النص بفهم سلف الأمة؛ كيف أجروه؟ وكيف عملوا به؟
أيها الإخوة
إن كان في النهاية من خلاصة فهي أنه:
بدون العلم لن يستطيع الإنسان أن يسير سيراً صحيحاً مأموناً إلى الله، فالطريق إلى الله مليء بالعقبات والمنعطفات، ولن يتمكن السائر فيها من رؤيتها إلا بالاستعانة بالله، ثم التحصن بحصن العلم، والعمل بمنهج السلف وعلى نهجهم.
و بالله التوفيق
اللهم علّمنا ما ينفعنا، و انفعنا بما علّمتنا
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
و الحمد لله رب العالمين
vendredi 23 mai 2014
حقق حلمك في حفظ القرآن الكريم
حقق حلمك في حفظ القرآن الكريم
عبد الله الملحم
هذا الكتاب:
- هو مساهمة جادة وفاعلة من المؤلف لتحقيق حلم كل مسلم في حفظ كتاب الله عز وجل.
- يشحذ الهمم وينير الطريق ليفتح لك باب الأمل ويعلو بهمتك لحفظ القرآن الكريم.
- يضع بين يديك الكثير من القواعد والطرق العلمية والعملية ليسهل عليك عملية الحفظ ومابعدها من المراجعة والتثبيت.
- كما ستجد في هذا الكتاب عصارة خبرات الحفاظ وتجاربهم ونصائح ذهبية لاتجدها مجموعة في كتاب آخر.
- هو مساهمة جادة وفاعلة من المؤلف لتحقيق حلم كل مسلم في حفظ كتاب الله عز وجل.
- يشحذ الهمم وينير الطريق ليفتح لك باب الأمل ويعلو بهمتك لحفظ القرآن الكريم.
- يضع بين يديك الكثير من القواعد والطرق العلمية والعملية ليسهل عليك عملية الحفظ ومابعدها من المراجعة والتثبيت.
- كما ستجد في هذا الكتاب عصارة خبرات الحفاظ وتجاربهم ونصائح ذهبية لاتجدها مجموعة في كتاب آخر.
للتحميل
jeudi 22 mai 2014
mercredi 21 mai 2014
هل الالتزام صعب ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد أختاه..
فهل الالتزام صعب؟
إنه لسؤال مهم مُلح..
.jpg)
بل تعالي أختاه نجعل الأمر أعم من أنه قضية المرأة وحدها..
ما الذي يحول بين كثير من الناس، وبين التوبة وسلوك سبيل المؤمنين؟
إنه استثقال التوبة واستصعاب الالتزام ،وهذا من فعل الشيطان والنفس الأمارة بالسوء ..
بعض الناس إذا قلت له :" تب" .. قال لك :" إن هذا علي صعب عسير" ..
فمثلاً نرى المدخن يقول :" إن لي عشرين عاماً وأنا أدخن .. أنا أنوي التوبة من التدخين .. ولكن كيف أتوب وقد تسرب هذا السم إلى جسمي، وصرت لا أستطيع التخلص من أسره . . ؟؟"
ويقول آخر :" إنني منذ عرفت عيناي الرؤية وأنا أنظر الى النساء . . فكيف أتوب؟"
وآخر :" كيف أنتهي عن الكذب والنميمة . . ؟؟"
ورابع يقول :" إنني طوال حياتي أرسم للناس صورة خيالية عن نفسي، ولا أستطيع أن أهدم تلك الصورة الآن" . .
إنهم وفي قرارة أنفسهم يعلمون أنهم مخطئون ، ولكنهم يحتجون أو يتبجحون ، فيقولون : "إنَّ الملتزمين قد حرموا كُلّ شيء ؛ السجائر . . الخمر . . الموسيقى . . الشم . . الهيروين . . كُلّ هذا حرام ،فماذا بقي لنا ؟"
سُبحان الله العظيم . . فكيف السبيل للتحاور مع هؤلاء؟ . . كيف تقول لهم:"إنّ الحرام أشياء معدودة، وهو ما حرمه الشرع،ولم يحرمه الملتزمون . . أما الحلال فلا سبيل إلى حصره .."
إننا نتناسى أن الأصل أن نعيش لله وبالله . .
أختاه
لا ينبغي أن يـُستثقل الالتزام مثل ألا نقوم لنصلي الفجر، في حين تعودنا أن ننام حتى الظهر . . أليس من الخسران تحويل كثير من الناس ليلهم إلى نهار . . ونهارهم الى ليل . . ؟
هذا في حين يقول الخالق في كتابه العزيز : { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا } [النبأ : 10-11] وقال: { مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ }
فالليل سكون ، وأنت قد قلبت السكون إلى ضجيج وموسيقى ، وعشت ليلك نهاراً ، لذا لن يكفيك نوم النهار كله ،ولكن حاولي ضبط نفسك بأن تنامي مبكراً وتستيقظي مبكراً . .فقد قالت أم المؤمنين عائشة : "عجبت لمن ينام عن صلاة الصبح كيف يرزق . . ؟"
فبعد صلاة الصبح تقسم الأرزاق. أنت تنامين ولا تصلين، والله يرزقك . . ألا تخجلين من نفسك . .؟! تعصين الله وهو يمهلك ..
والسؤال الآن :
كيف يمكن الخلاص من استثقال التوبة واستصعاب الالتزام ..؟
والجواب، عليك الآن بالآتي :
1- دفع التسويف :
فوراً وبلا تردد . . والتوبة بادئ الرأي ألاَّ تُفكري قبل أن تتوبي، وأن تسلمي لله سبحانه وتعالى . . وانظري لكلمة اشتهرت عن سيدنا علي t - ولا نعلم مدى صحة نسبتها إليه - . . أنه لما عرف الإسلام، قال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : "ألا تستشير والديك؟"
قال : "وهل استشار الله سبحانه وتعالى والدي حين خلقني . . ؟"
إنَّ أحدهم إذا قلت له :" تعال لنصلي العصر" قال لك : "سوف أصلي ركعتي استخارة أولاً" . . فيم تستخير . . ؟ وعلام ؟
إن الواجب عليك أن تتوبي الآن وبلا تسويف ، فإنَّ التوبة فرض واجب .
هل تفكرين ما إذا كنت ستتوبين أولا ؟
إن هذه كمن يستفتي الناس فيما شرع الله؛ هل صحيح أم لا ؟
إنها أوامر الله ، وقد هداك النجدين ؛إما أن تطيعيه، أو أن تعصيه . فماذا ستصنعين؟
اعلمي أن أول علاج لاستثقال التوبة واستصعاب الالتزام هو دفع التسويف فوراً . . وتحرير النية . .
2- الصدق مع الله :
إذا صدقت مع الله فسيعوضك خيراً مما تركت ، فمن تركت الاختلاط لله سيرزقها الله من حيث لا تحتسب . . سبحان الذي يُطِعم ولا يُطَعم . . فهو الذي قال: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ *} [الذاريات: 56-58]
وهو الذي قال سبحانه : { وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ *} [الذاريات: 22-23]
و هو تعالى القائل : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[هود: الآية 6]
سبحانه قال: { وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا } [فصلت: 10]
أتخافين أن يـُجيعك الله؟
أتخافين ألا يزوجك الله؟
أتخافين أن يتركك الله غير آمنة؟
يجب عليك أولاً الصدق مع الله . . اصدقي الله يصدقك . . توبي توبة صادقة يكفِك كل ما أهمك . .
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 ، 3] .
واعلمي أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته . .
3- التبرؤ من الحول والقوة :
أن تتبرئي من كُلّ حول وقوة ، وأن تستشعري الإعانة والمعية وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى.
إن كُلّ صعب بحول الله وقوته يصير سهلاً ، فإذا استعنت بالله أعانك ،والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فهو قادر على أن تبيتي وأنت تحبين المعاصي، وتصبحي وأنت تكرهينها . . وما يدريك؟
إن التبرؤ من الحول والقوة أن تدعي حولك وقوتك ، عزيمتك وهمتك، وأن تستعيني بالملك القادر القاهر، فاستعيني به . .
لما هُدد شعيب : { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ * قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ * } [ الأعراف :88 ، 89] تبرأ من الحول والقوة بقوله: " عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا " . . و انتهت القضية . .
" اصنعوا ما شئتم" .. قالها نوح من قبل: { فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ } [ يونس :71] .
وقالها هود – عليه السلام - : { فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ } [هود 55 ، 56]
و كما قلنا من قبل، فإن نواصينا ونواصي أعدائنا فى يد ملك واحد ، في يد رب واحد، يصنع بنا وبهم كيف يشاء، لذلك تبرئي من حولك وقوتك، واستشعري معية الله :{ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ } [الحديد : 4] .
بعلمه وإحاطته وحوله وقوته معك: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ } [ البقرة : 186] .. وقال صلى الله عليه وآله وسلم : "احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك" [الترمذي وقال حسن صحيح].
أيتها الأخت فى الله:
لاستشعار المعية انظري وقارني بين قول الله عزوجل : { أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } [ العلق : 11-14 ] ،في مقابل جواب الله تعالى على قول موسى و هارون : { قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى }
قارني بين الآيتين : فالأولى { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } [العلق : 14] ذكِرت على سبيل التهديد والوعيد ، و الأخرى على سبيل تثبيت القلب، وطمأنته بعد الركون إلى الله وصدق اللجوء إليه . .
فى حال المعصية تذكري: { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } ،أي سينتقم إن لم ترجعي.
وفى الثانية -حال كونك تتوبين- تذكري: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } معية رحمة وإعانة وتوفيق وتسديد وهداية .
أيتها المسلمة.. بل أيها المسلمون جميعاً.. التزموا
التزموا دين الإسلام..
ولا تقولوا :(الالتزام صعب)
فإن استثقلتم التوبة، والتمسك بسبيل النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه..
فادفعوا التسويف.. واصدقوا الله .. وتبرؤوا من الحول والقوة
تجدوا الالتزام يسرا، واتباع الهوى عُسرا
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العلمين
Inscription à :
Articles (Atom)