vendredi 31 janvier 2014

كيف نتوب ؟



كيف نتوب؟
                                         إلَيْكَ الخُطُوَاتْ، إِنْ كُنْتَ  تُرِيدُ الِإصْلَاح

- وقفة مع النفس للمحاسبة: "لأنه لو تفكرت النفوس فيما بين يديها، وتذكرت حسابها فيما لها وعليها، لبعث حزنها بريد دمها إليها، أفما يحق البُكاء لمن طال عصيانه،‏ وبين يديه الموت الشديد فيه من العذاب ألوانه، يا من معاصيه أكثر من أن تحصى، يا من رضي أن يطرد ويقصى، يا دائم الزلل وكم ينهى ويوصى، ياجهولاً بقدرنا أو مثلنا  يعصى؟
أما علمت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في وجهه خطوط مُسودة من البكاء. ولكن من لم يكن له مثل تقواهم، لم يعلم ما الذي أبكاهم، فيا قياسي القلب هَلاَّ بكيت على قسوتك، يا ذاهل العقل في الهوى، هَلاَّ ندمت على غفلتك، يا مقبلاً على الدنيا فكأنك في حفرتك، يا دائم المعاصي خف من غبِّ معصيتك، ويا سيئ الأعمال نح على خطيئتك. لأن في القيامة لحسرات، وعند الصراط لعثرات، و عند الميزان لعبرات، فالكتب تحوى حتى النظرات، وإن الحسرة العظمى عند السيئات، فريق في الجنة يرتقون في الدرجات، وفريق في السعير يهبطون الدركات، وما بينك وبين ذاك، إلاَّ أن يقال‏:‏ فلان مات، وتقول‏:‏ رَبِّ ارجعوني، فيقال‏:‏ فات. فلله درَ أقوام أطار ذكر النار عنهم النوم، وطال اشتياقهم إلى الجنان بالصوم، دافعوا أنفسهم عن شهوات الدنيا بغد واليوم، دخلوا أسواق الدنيا فما تعرضوا لشراء ولا سوم، تركوا الخوض في بحارها والعوم، جدوا في الطاعة بالصلاة والصوم، فهل عندكم من صفاتهم شئ يا قوم؟
قيل لزيد بن مزيد‏:‏ ما لنا لم نزل نراك باكياً وجلاً خائفاً فقال‏:‏ إن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار، ووالله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لبكيت حتى لا تجف لي عبرة". وعوتب عطاء السلمي في كثرة البكاء، فقال‏:‏ إني إذا ذكرت أهل النار وما يُنزلُ بهم من عذاب الله تعالى،فمثلت نفسي بينهم، فكيف لنفس تغلّ يدها وتسحب إلى النار ولا تبكي. وقيل لبعضهم‏:‏ ارفق بنفسك فقال‏:‏ الرفق أطلب.  فيا عاذلَ المُشتاق دَعهُ فَإِنَّه يطوى عَلى الزَّفَرات غير حشاكا، لَو كانَ قَلبُكَ قَلبه ما لمتُهُ حاشاك ممَّا عِندَهُ حاشاكا.
لَمَّا احتضر عبد الملك بن مروان قال‏:‏ والله لوددت أنَّي عبدرجلٍ من تهامة أرعى غنيمات في جبالها وأني لم ألِ، وجعل المعتضد يقول عند موته‏:‏ ذهبت الحيل فلا حيلة حتى صمت، وقال أبو محمد العجلي‏:‏ دخلت على رجل في النزع فقال لي‏:‏ سخرت بي الدنيا حتى ذهبت.  
لذلك قال يحيى بن معاذ‏:‏ الدنيا خمر الشيطان‏:‏ من شربها لم يفق إلا بين عساكر الموتى نادماً بين الخاسرين، قد ترك منها لغير ما جمع، وتعلق بحبل غرورها فانقطع، وقدم على من يحاسبه على الفتيل والنقير والقطمير فيما انقرض عليه من الصغير والكبير، يوم تزل بالعصاة القدم، ويندم المسئ على ما قدم.
فأين من جمع الأموال وحماها؟ واهاً لمن جمعها واقتناها، تناهى أجله وما تناهى، كم سلبت الدنيا أقواماً كانوا فيها، فتفكر في حالهم كيف حال، وانظر إلى من مال إلى المال، وتدبر أحوالهم إلى ماذا آل، وتيقن أنك لاحق بهم بعد ليال، عُمرك في مدةٍ ونفسك معدود، وجمسك بعد مماتك مع الدود، كم أمّلت أملاً  فانقضى الزمان وفاتك، وما أراك تفيق حتى تلقى وفاتك، فاحذر زلل قدمك، وخف طول ندمك، واغتنم وجودك قبل عدمك، واقبل نصحي، لا تخاطر بدمك.
‏ من تفكر في ذنوبه تاب ورجع، ومن تذكر قبيح عيوبه ذل وتواضع، فيا غافلاً عن الموت وقد جد بمقراضه، ستعرف خبره إذ أحاطت بك أشد أمراضه، وألقيت في لحد وحيد تخلو برضراضه، يا من بالهوى كلامه وحديثه، من له إذا ألحد في قبره؟ من يغيثه؟ تالله لقد بولغ في توبيخه وما أكترث، ولقد بعث إليه النذير وما يرى من بعث، قلبه مشغولٌ بالهوى ولسانه بالرفث، كلما أصبح معاهداً وأمسى نكث، سيندم يوم الضريح من القبيح، سيعرف حيرة المعاصي إذا حل الحدث، سيرى سيره إذا ناقش السائل أو بحث. سارعوا إلى الجنة إخواني‏،‏ فلقد خاب من باع باقياً بفان، أما الجنة فقد تشوقت لطالبيها، وتزينت لمريديها، ونطقت آيات القرآن بوصف ما فيها، قال:(‏إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض.. فجاء رجل فقال‏:‏ بأبي وأمي فداك هل فيها صوت قال‏ نعم والذي نفسي بيده، إن الله عز وجل يوحى إلى شجرة في الجنة أن أسمعي عبادي الذين شغلهم ذكري في الدنيا عن عزف المزاهر والمزامير بالتسبيح والتقديس‏)‏
أيا نفس‏،‏بادري بالأوقات قبل انصرامها،واجتهدي في حراسة ليالي الحياة وأيامها، فكأنك بالقبور وقد شققت، وبالأمور وقد تحققت، وبوجوه المتقين وقد أشرقت، وبرءوس العصاة وقد أطرقت، أيا نفس،‏ أما الخائفون فقد استعدوا، وأما الصالحون فقد راحوا، وأما الواعظون فقد صاحوا، أيا نفس‏،‏ اتعبي قليلاً تستريحي في الفردوس كثيراً، كأنك بالتعب وقد مضى، وبحرصك من اللعب وقد مضى، وثمر الصبر.
ولكن لا يطمعن البطال في إدراك الأبطال، هيهات أن يدرك البطل المجتهد من غاب حين النزال، فما شهد حفت الجنة بالمكاره، فلا يوصل إليها إلا بالمضض، العلم لا يحصل إلا بالنصب، والمال لا يجمع إلا بالتعب، واسم الجواد لا يناله بخيل، ولا يلقب بالشجاع إلا بعد تعب طويل، لَولا المشَقَة سادَ الناس كُلَهُم. أيها العبد‏:‏ إن عزمت فبادر، وإن هممت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من كان في الصف الآخر، لا تَحسَبَ المجدَ تَمراً أَنتَ آكِلُهُ، لا تَبلُغ المجدَ حَتى تَلعَق الصَبرا، فاصبر للبلايا فحينها يسير، وأثبت للرزيا فأجرها كثير.
أيها العبد،‏ حاسب نفسك في خلوتك، وتفكر في انقراض مدتك، واعمل في زمان فراغك لوقت شدتك، وانظر‏ هل نفسك معك أو عليك في مجاهدتك، لقد سعد من حاسبها، وفاز والله من حاربها،وقام باستيفاء الحقوق منها وطالبها، وكلما ونت عاتبها، وكلما تواقفت جذبها، وكلما نظرت في آمال هواها غلبها.قال‏:‏"‏الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني‏‏"
نقل توبة بن المعلم أنه نظر يوماً وكان محاسباً لنفسه، فإذا هو ابن ستين إلا عاماً فحسبها أياماً فإذا هي إحدى وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ وقال‏:‏ يا ويلتي‏!‏ ألقى المليك بإحدى وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب فكيف ولى في كل يوم عشرون ألف ذنب، ثم خر مغشياً عليه، فإذا هو ميت، فسمعوا هاتفاً يقول‏:‏ يا لها من ركضة إلى الفردوس الأعلى.
المؤمن مع نفسه لا يتوانى عن مجاهدتها وإنما يسعى في سعادتها، فاحترز عليها واغتنم لها منها، فإنها إن علمت منك الجد جدت، وإن رأتك مائلاً عنها صدت، وإن حثها الجد بلحاق الصالحين سعت وقفت، وإن توانى في حقها قليلاً وقفت، وإن طالبها بالجد لم تلبث أن صفت. يا هذا‏:‏ احذر أن تميل إلى حب الدنيا فتقع، ولا تكن من الذي قال‏:‏ سمعت وما سمع، ولا ممن سوف يومه بغده فمات ولا رجع، كلا ليندمن على تفريطه وما صنع، وليسألن عن تقصيره في عمله وما ضيع، فيا لها من حسرة وندامة عند قراءة كتابه، ما رأى فيه وما جمع، فبكى بكاء شديداً فما نفع، وبقى محزوناً لما رأى من نور المؤمن يسعى بين يديه وقد سمع، فلا ينفعه الحزن ولا الزفير ولا البكاء ولا الجزع .إخواني‏،‏ لقد خاب من آثر شهوة من حرام فإن عقباها تجرع حميم آن- وخسر  والله - من أطلق نفسه فيما تريد، بعد أن سمع الزبانية وأغلال الحديد، وهلك كل الهلك وبار كل البوار، من اشترى لذة ساعة بعذاب النار. قال أبو هريرة رضي الله عنه‏،‏ قال ‏(‏أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة‏)‏  وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال‏:‏ ‏(‏ناركم هذه مما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءاً من جهنم) وقال وهب بن منبه‏:‏ إذا سيرت الجبال فسمعت حسيس النار، نقيضها وزفيرها وشهيقها، صرخت الجبال كما تصرخ النساء، ثم يرجع أوائلها على أواخرها يدق بعضها بعضاً. وروى الزهري عن أبي هريرة عن النبي قال‏:‏(‏إن الحميم ليصب على رءوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه، فيلهب ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان‏).‏ لله در أقوام أذهبوا أعمارهم في طلبي، وأتعبوا أعضاءهم في فرضي وواجبي، وقطعوا قواطعهم لأجلِ التعلق بي، وحلموا عن الجهال خوفاً من غضبي، فإذا مروا على النار قالت‏:‏ جرياً يا مؤمن قد أطفأ نورك لهبي،  إذا رأت النار من جاهد بالخير وما خافت، خافت، وإذا شاهدت نفوساً طال ما صافت، صافت، وإذا عاينت أجساماً ما نبتت من الحرام وعافت، عافت، هلا تشبهت يا هذا بهؤلاء القوم، هلا تنبهت من هذا الرقاد والنوم، وأنت وقت العشاء نائم، وقلبك في حب شهوات البهائم هائم. لو أحببت شخصاً من أهل الدنيا فسمعت باسمه لانزعج باطنك، أما سمعت أن مجنوناً أحب مخلوقاً، فلما ذكر انزعج، هذا ذكر الله يُتلى عليك وما تتغير، وكم تسمع من أوامره ونواهيه ولا تتدبر، وقد يسره الكريم على من اجتهد فيه وما عسر، وكم من نظر فيه حقيقة النظر وتبصر، وعمل ما أمره وترك ما نهى عنه في العمل والقول وتحرر، وكلما نظر في عمله رأى أنه مقصر فيه تفكر، لا يلتذ بطعام ولا شراب ولا نوم إلا ذكر وتذكر، أما سمعت قوله في الكتاب العزيز قولاً بليغاً مفسر‏:‏ ‏إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم ‏ ‏فشكرهم على ذلك وستر، بأنه راض عنهم يوم تشقق السماء وتتفطر‏:‏ ‏(‏يُنَبَّأ الإِنسَانُ يَومَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ‏)‏ ويبقى العاصي نادماً على تفريطه مُحسر، مثقل بحمل خطاياه وفي ذيل ذنوبه معثر، فإذا دعي لقراءة كتابه رأى ما فيه من السيئات تحير، ويرى غيره قد أمر به إلى النار مسحوب مجرجر، فيندم فلا ينفع، ويبكي فلا يُسمَعُ، ولا يُرحم ولا يعذر، فالعذاب الشديد لمن كد وطغى وتجبر، ونصحتك فالتوبة التوبة فعسى بعد الكسر تجبر. فيا من نسي العهد القديم وخان، من الذي سواك في صورة الإنسان، من الذي بارزته بالخطايا وهو يستر العصيان، مَنِ الذي تركت شكره فلم يؤاخذ بالكفران، إلى كم تخالفني وما يصبر على الخلاف الأبوان، وتعاملني بالغدر الذي لا يرضاه الإخوان، وتنفق في خِلافي ما عَزَّ عِندك وهان، ولو علم الناس منك ما أعلم‏:‏ ما جالسوك في مكان، يا مبارزاً بالقبيح مهد عذرك، يا مواصلاً نقض العهود جانب غدرك، يا مديماً للتواني تدبر أمرك، يا مؤثراً ما يفني على ما يبقى خالفت خبرك، يا لاهياً في أيام العوافي والله ما تترك، يا واقفاً مع الأماني ضيعت عمرك، يا فارحاً بقصره تذكر قبرك، يا حاملاً أثقال الذنوب هلا خففت ظهرك، سار الصالحون إلى ذكرنا وآثرت هجرك، وسمعت سيرهم وضيعت أجرك، إن أردت صحبة المتقين فاشرح لليقين صدرك، وإن أحببت حلاوة العواقب فاستعمل صبرك، إن حلا شراب مناجاتنا فبدد خمرك، إن طاب لك سماع ذكرنا فاكسر زمرك. بعض العابدات كانت تقول‏:‏ والله لقد سئمت الحياة حتى لو وجدت الموت يباع لاشتريته شوقاً إلى الله وحباً للقائه فقيل لها‏:‏ على ثقةٍ أنت من عملك قالت‏:‏ لا والله لحبي إياه وحسن ظني به أفتراه يعذبني وأنا أحبه.  
أخي اطلب الدنيا قدر الحاجة، واطلب الآخرة على حسب الطاقة، هذا ولو أنك بلغت إلى الحمى التوكل، لاستراح قلبك، وغذاك الله كما يغذي الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً."  من كتاب "المواعظ" لابن الجوزي.بتصرف

üالحزم، وقوة  الشخصية: أخي، إنك لما اخترت الدخول في طريق الالتزام، اخترت الدخول في طريق وعر، وما ذلك إلا لأن سلعة الله غالية، وسلعة الله الجنة، كما قال رسول الله ، لذلك فأنت محتاج لشخصية قوية لتواجه بها الصعاب والتحديات، قال تعالى:{أم حسبتم أن تتركوا، ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، ويعلم الصابرين}، فالجد الجد،  لأن هذا الطريق يريد الشخصية التي لا تقهر، التي لا تستصعب أي شيء، ولا تشتكي من أي شيء، بل تتحدى كل شيء، في سبيل إرضاء ربها، ومن علاماتها:( الأنفة من الذل والهزيمة، عدم مراعاة نظر الناس، قلة الشكوى والتبرير، عدم التصنع في الكلام، الإكثار من الصمت...)

ü الحكمة في إعلان الالتزام:  -الزم الصمت-  إن نصيحتي لك –من الشيخ محمد حسين يعقوب- أن تلزم نفسك الصمت.. إياك والمعارك الجانبية.. فإذا نظر إليك أبوكِ شذراً لأنك ستخرج باللحية، ولا يُظهِر منك شيئاً أبداً.. وقال لك: "ما الذي تنوي عليه؟" فلا تقل له: "إن اللحية فرض"، ولا تتهمه بالصد عن سبيل الله.. ولكن قم فقبل رأسه ويده، وقبل يد أمك، وقل لهما: "الحمد لله الذي نجاني من النار بفضل حسن تربيتكما لي.. أو بفضل دعائكما لي.. أو بفضل حرصك يا أبي على أن تطعمنا الحلال الطيب.. ولعلي أنفعكما يوماً".. وذكرهما بحديث: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" [مسلم] 
 لا تقم المعارك في المنزل مع إخوتك أو أبيك أو أمك أو جيرانك أو زملائك؛ فتلهيك المعارك عن اللجوء إلى الله والسير إليه..لا تفتح أبواب المعارك.. سد باب الذرائع عن أي سؤال..   فإذا قال لك أبوكِ:"يا ابني..هل اللحية فرض؟!" فقل:"كيف حالك يا أبي؟! إنني أحبك.." وحاول أن تتفادى الصراع ما أمكنك..[أقصد بذلك أن تمر الفترة الأولى من الالتزام بدون مشاكل بقدر الإمكان، ولكن حتما ستكون المواجهة بالأدلة على فرضية اللحية، وحرمة الغناء، وحرمة الاختلاط، وغير ذلك، والمقصود: عدم استدراج الأخ التائب إلى عداوة المنزل والأهل فإنهم سيكونون عائقاً شديداً أمام الالتزام.. فالصبر.. الصبر]  وإن قالت لك أمك: "هل اتبعت هؤلاء الذين يقولون إن الغناء حرام؟! " فقل:"ما رأيك يا أمي لو جلست معي فقرأنا ربعين من القرآن، فإنك عندها ستشعرين بجنة الله في القرآن.. إن النبي قد قال.. وقال.." وقُصي لها من أخبار النبي ، إنك حينها قد ترغبهم في الدين بحسن خلقك.. وسيشعرون بتحسن حالك.. وسيؤثر فيهم سمتك الصالح. أما إن أقمت نفسك  للفتيا.. وسردت الأدلة على وجوب اللحية، وأن الأئمة الأربعة  طيب الله ثراهم قالوا.. وأن ابن تيمية قدس الله روحه قال.. وأن ابن باز وابن العثيمين رحمهما الله قالا.. فإنك لن تجد الوقت لتصحيح توبتك مع الله ،وإنما عليك بالنصيحة العابرة.. والهمسة الصادقة..أطل الصمت.. وأدمن السكوت.. ولا تخوض مع الخائضين.. جنب نفسك الزلل.. ابتعد عن الخطأ.. انكسر لله.. لا تطغى.. و لا تتكبر..إذا رأيت العصاة فاذكر قول الله تعالى: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء: 94]، قول: "الحمد الله الذي عافاني مما ابتلي به كثيرٌ من عباده، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا.."   وإذا حاول الاقتراب منك أهل الشبهات  والجدل والمناقشات.. فاذكر قول الله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55] ودائما وأبدا اجعل أنسك بالله وملجأك وملاذك إليه.. فاعتصم به وتوكل عليه..ولزوم الصمت، لست مطالبا بع فقط في إعلان الالتزام، بل في حياتك كلها, فالسكوت من أصول الدين. قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" [متفق عليه]، وقال: "أمسك عليك لسانك" [الترمذي، وصححه الألباني] فسبحان الله.. كم تحرق الكلمات الحسنات! وكم تحبط الأقوال الأعمال! وصدق قول رسول الله:"من صمت نجا" [الترمذي،وصححه الألباني]  إنك تحتاج أن تملك لسانك .


üتغيير الصحبة: ينصحك الشيخ  محمد حسين يعقوب فيقول لك:"  أخي في الله، ليست العدوى من الجليس بمقاله وفعله فقط.. بل بمجرد لنظر إليه! فالنظر إلى الصور يورث في النفوس أخلاقاً مناسبة لخلق المنظور إليه.. إن أول ما يجب عليك عند توبتك إلى الله وسلوكك سبيله أن تتخلص من رفقاء السوء فتستبدل بهم صحبة صالحة.. ثم بعد ذلك لابد من تغيير المكان الذي كنت تعصي الله فيه.. إن الذي قتل تسعة وتسعين نفساً.. بل مائة.. قال له العالم: "إن قومك قوم سوء، وإن في أرض كذا وكذا قوماً يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم" [مسلم] اللهم اجمعنا مع الصالحين دنيا وآخرة..
   نعم ؛ إنك ينبغي أن تنتبه لهذا..لأن قضية تغيير الرفقة من الأهمية بمكان..فأصحاب السوء لا يتركونك، ومن ورائهم الشيطان، لا يريد أن  يفلتك.. اسمع لقول الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83].. فالشياطين تؤزُّ العصاة   إلى المعاصي أزَّا.. تدفعهم دفعاً.. تسوقهم سوقاً.. تقودهم قوداً.. تيسر لهم.الشيطان لن يدعك تتوب .. سيجاهدك، وسيقف لك بالمرصاد، وسيستعمل كل أسلحته، من معارفك وأصدقائك..
 فأنت أيتها الفاضلة، ستذكرين أيضا يوم كنت تجلسين أمام التلفاز تشاهدين المعاصي، وتسمعين الفجور، ويوم كنت تزورين من كنت تصاحبينهن، فتسمعين عندهن الغناء.. وكذلك كنت تدخلينهن بيتك.. تدخلين بيتك برفقة السوء هذه.. فترحب  بهن  أمك، ويجلس معهن أبوكِ.. وينشرح صدرهما لمصاحبتك لهن..فإذا بك يوم التزمت وتبت إلى الله.. قال لك أبوك: يا ابنتي.. "إنك ستوردينا موارد الهلكة.. !  إننا لا طاقة لنا بتبعات هذا  الالتزام  !" وإذا زارتك بعض الأخوات الملتزمات  المنتقبات.. قال لك: "هل نويت أن تحولي البيت إلى وكر؟ أم ماذا تريدين؟! و هكذا.. سيحاربك الجميع.. الكل سيجاهدك.. حتى نفسك! ستبدأ -هذه النفس-  تورد عليك صور المعاصي القديمة.. تجدين نفسك راقدة في مرة لتراجعي حفظك من سورة البقرة، أو تستمعين إليها.. فتفاجئك نفسك بصورة الولد الذي كان يحاول أن يقترب منك
وأنت أيها الأخ الفاضل اعلم ، أنهم لا يدعونك.. لذلك دع  كل ما يذكر بالمعصية.. اتركه واهجره..  اهجر أصدقائك القدامى.. غيّر رقم الهاتف.. غير حتى عنوان المنزل   إن   استطعت.. غير الطريق الذي   تمشي  منه ، وإذا قالت لك نفسك: "إنني بهذا قد أنفرهم من سلوك الطريق المستقيم.." فقل لها: "المهم أن أنجو  بنفسي  أولاً..  ثم عندما تثبت قدمي أعود لأمد لهم يد العون.." ولكن ماذا يحدث إذا مددت لهم تلك اليد الآن ولم تثبت  أقدامك.. فهششت لهم ، وبادلتهم الحديث..؟ سوف يذكرونك بأيام معاصيك.. فيدخل الوهن في قلبك. سيقولون:"إنك جننت.. إننا نعرفك أكثر من نفسك.. أنت لست من هذا الطراز.. هل أنت من مرتادي المساجد؟.. هل نسيت اسم الشابة التي..؟ .. هل نسيت ما كنت تفعل؟.. هل يترك كل هذا (عاقل) ليكون مع هؤلاء (المُعقدين)؟.." أليس هذا ما يقولونه لك؟ لذا، فإذا حدث وقابلت أحدهم فلا تبسط معه، ولا تنس الإنكار ولو بقلبك..  
وكما قلت لك من قبل: إياك وتلبيس إبليس.. يقول لك: "إنك خُلقت للدعوة.." قل له:" أي دعوة ؟! أنا ما زلت في بداية توبتي!".. ولتعلم أنت، لست مسئولا عن الدعوة قبل استكمال هداية نفسك.. الزم الصمت.. وإنك لن تستطيع اعتزال الناس في المدرسة.. أو في المنزل.. ستضطر للتعامل مع الناس.. وعليه: فيجب عليك أن تعزل نفسك في البداية عن مواطن المعصية لفترة حتى تعتاد الالتزام.

üالابتعاد عن أماكن الفتن، مع غض البصر: إذا كان من المتفق عليه أن النفس قد زينت لها الشهوات، بدليل قوله تعالى:{زين للناس حب الشهوات}، فإن النفس بالتالي جد حساسة اتجاهها، فإذا تعرضت لها كان لذلك أثر  عليها، من أجل ذلك، وجب  عليها التحرز منها وعدم التعرض لها، وإلا كان لذلك أثر بليغ عليها، خصوصا في هذا الزمان، الذي أخذت الأرض فيه زخرفها وازينت، فإن نفس الملتزم إن لم تبتعد عن أماكن الفتن، في الشوارع الرئيسية، وفي المدارس و الأندية التي يكثر فيها الاختلاط، وتكثر فيها الزينة، فأكيد أنه سيكون لذلك أثر  بليغ في نفسيته ، وفي طريق سيره إلى الله، لذلك فعليك با من تريد إصلاح  قلبك، ونيل جنة ربك ب:
  1- لزوم بيتك: فلا يدري العبد اليوم أين يذهب؟!فسدت الشوارع، وأماكن العمل، والأسواق، والبيوت، حتى المساجد! إلا ما رحم ربك،  فأصلح بيتك، والزم قعر ه.فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله ما النجاة قال: "أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك" [الترمذي، وصححه الألباني] أو ليست هذه وصية رسول الله ، فاسمع وأطع إن أردت الجنة. فالزم بيتك، ولا تخرج إلا لضرورة.
2- غض بصرك: ليس عن النساء فقط، بل عن كل شيء، لقوله عزوجل:{ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه، ورزق ربك خير وأبقى} فغض البصر هنا عام، فإذا خرجت من البيت لضرورة فالزم غض البصر، بتوجيهه صوب الأرض دائما وأبدا، واصبر على ذلك حتى تعتاد عليه، لتعيش جنة الدنيا قبل الآخرة، فكم من نظرة  أحدثت في قلب صاحبها البلابل، بالنظر إلى امرأة، أو إلى سيارة، أو حتى إلى الناس، فكانت سببا في السخرية منهم أو ما شابه ذلك، فالزم غض البصر إن كنت تريد الالتزام.
ثم أبشرك ، يوم أن تركت لله ما تحب، لذلك  إذا رأيت أيها الأخ الفاضل، فتاة فتنتك، أو أغنية أطربتك، أو أي شيء أعجبك، فأبشر بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، لكت ينبغي الصبر، وعدم التفلت حتى يحكم الله.

üشغل النفس: بالعبادة، بطلب العلم،بالدعوة إلى الله، بخدمة المسلمين...لأن ذلك هو السبيل الأوحد لنسيان الشهوات،وعدم التفكر فيها، لأن الفراغ، هو الذي يجعل الإنسان في تفكير مستمر، خاصة بالشهوات، فإذا شغلت نفسك، أمنت من ذلك كله إن شاء الله، فإياك من الفراغ.

üلزوم المسجد، والإكثار من التعبد فيه، مع التفرغ لذلك: يقول:"ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم" [ابن ماجه، وصححه الألباني] فوالله إن كل ما شغلك عن المسجد وعن القرآن شؤم عليك،  والله يا أخي.. لن تلتذفي حياتك بشيء أكثر من القرآن، والمسجد". وأنا أقول كل هذا، لأقول بعد ذلك بأنك يستحيل أن تعيش حياة إيمانية طبيعية، من دون أن بكون لديك ورد تعبدي منتظم، لأن النفس كما قلت جد حساسة، فإذا أحاطت بها الشهوات كان لذلك أثر عليها، فإذا أخذت يا من تريد طريق الله عزوجل بما سلف ذكره، والتزمت به، ثم أدمنت المسجد، والتعبد فيه، فلا يمكن أن أصف لك حالة قلبك حينها كيف سيكون إذا كنت ممن يريد أن يقبل على الله بصدق، لأن الشهوات، والنفس، والشيطان، لن يكون لديهم طريق يمكن أن يصطادوك به على الإطلاق. فإذا عرفت، فالزم.


وهذه خـطــة إيمــانيــة شاملـــة تقوي صلتك بالله و تفتح لك أبواب الجنة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتهيئوا للعرض الأكبر"

أعمال اليوم والليلة :
1-أن تجدد النية وتخلص الوجهة لله تعالى، كل ليلة . قال عزوجل:{ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة }.
2- أن تحافظ على تكبيرة الإحرام والصف الأول في المسجد كل صلاة مع الأذكارالبعدية. قال رسول الله:(لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه ) [ متفق عليه ] .
3- أن تحافظ على الرواتب اليومية  قال رسول الله:"ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بنى الله له بيتاً في الجنة "مسلم
-سنة الفجر قال رسول الله   :"ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" رواه مسلم .
-عن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان النبي: يصلى في بيتي قبل الظهر أربعاً ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين ، وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين ، ويصلي بالناس العشاء و يدخل بيتي ويصلي ركعتين" رواه مسلم.
- قال رسول الله: "بين كل أذانين صلاة ، بين كل أذانين صلاة ، بين كل أذانين صلاة" قال في الثالثة "لمن شاء" متفق عليه (المراد بالأذانين : الأذان والإقامة) .
- قال رسول الله: "من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر و أربع بعدها حرمه الله على النار" رواه أبو داود والترمذي.
-قال رسول الله: "رحم الله امرء صلى قبل العصر أربعاً" رواه أبو داود والترمذي.
-استحباب ركعتين بعد الوضوء قال رسول الله: لبلال "يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة" قال : "ما عملت عملاً أرجى عندي من أني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلى"  رواه مسلم
-الحفاظ على  صلاة الضحى والوتر, عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال : "أوصاني خليلي رسول الله بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى و أن أوتر قبل أن أرقد" متفق عليه . (والوتر قبل النوم إنما يستحب لمن لا يثق بالاستيقاظ آخر الليل فإن وثق فأخر الليل أفضل
4-أن تحافظ على الوتر النبوي (11 ركعة) تقرأ فيها ما تيسر من القران ( حزب_ جزء_ جزءين... ) مع استغلال السجود في الدعاء
5-أن تستغفر الله وقت السحر بسيد الاستغفار، قال تعالى :{الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار}
6-أن تحافظ على أذكار الصباح، والمساء، وان جلست في الصباح حتى تصلي الضحى لكان أفضل , لقوله:" من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة." رواه الترمذي "صحيح" .
7-أن تكثر من تلاوة القرآن الكريم، وألا يقل وردك اليومي عن جزء، واجتهد أن تكون التلاوة بتدبر وخشوع. قال تعالى:{ورتل القرآن ترتيلا} ولو كان ذلك في جلستي الصباح والمساء، لكان أفضل.  
8-أن تداوم على الذكر في جميع الأحوال والأوقات، في الركوب والترحال والذهاب والعودة ما وسعك ذلك.
9-أن تحاسب نفسك يومياً، ولو بمقدار خمس دقائق قبل النوم، وتجدد العزم على التوبة{ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}وأن تتفكر في خلق الله ولو بنظرة صادقة.
10-إياك والشبع وكثرة الأكل، واستجب لوصية الرسول: (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع).ولا تكثر من النوم ولا تزد في يومك عن ست ساعات.
أعمال الأسبوع:
1-أن تحرص على غسل الجمعة وعلى قص الأظافر، والتطيب، والاستياك، ولبس أجمل الثياب، قبل خروجك إلى المسجد .
2- أن تحافظ على تلاوة سورة الكهف صبيحة يوم الجمعة , و تكثر من الصلاة والسلام على رسول الله ليلة الجمعة ويوم الجمعة.
3-أن تحضر مبكراً إلى صلاة الجمعة، وتلزم الصف الأول ما أمكن ذلك.
4- أن تحافظ على صيام الاثنين أو الخميس .
5-أن تخرج صدقة ابتغاء وجه الله أسبوعياً وتواظب على ذلك.
6- أن تحرص على حضور درس علم في الأسبوع ما أمكن، وإن لم يتوفر ذلك، فينبغي أن يكون لديك موعد يومي مع القنوات الإسلامية.
7-أن تعود مريضاً أو تزور أخاً لك في الله أو أكثر، أو أن تصل رحمك، وأن تحاول المواظبة على ذلك .
8-أن تجلس مع أهلك وأولادك بما لا يقل عن ساعة في الأسبوع بقراءة قدر من القرآن الكريم، مع حديث وقصة وبعض الخواطر والأخلاق والآداب التي نتحلى بها خلال الأسبوع .
9-أن تجدد التوبة وتعزم أن يكون الأسبوع القادم أفضل من الأسبوع الحالي

                                                                  أعمـــال الشهــــــر:
1- أن تقرأ كتاباً كل شهر على الأقل، وتلخص ما قرأت .
2-زيارة المقابر والاتعاظ بالموتى .
3-القيام برحلة يوم كامل للترويح عن النفس والأهل والأولاد .
4- أن تحاول حفظ حزباً من القرآن الكريم كل شهر أي بمعدل ربع كل أسبوع ما أمكن ذلك.

                                                                    أعمال السنة:
1-أن تصوم شهر رمضان، وأن تجتهد في ختم القرآن الكريم ما استطعت(3، 4، 5...مرات)
2-أن تخرج زكاة مالك.
3-أن تحج بيت الله الحرام إن لم تحج، وأن تعتمر في رمضان إن استطعت، وإن لم تستطع، فاجتهد في العمل الصالح في تلك الأيام.


üالتحلي بصفات الأخ الملتزم:

إن كل تلك الخطوات، التي قطعتها يا من أردت طريق التوبة والأوبة، ينبغي أن يكون لها أثر في حياتك عموما، بمعنى أنه بعد أن تبت إلى الله، والتزمت طريق الله، ينبغي أن تظهر عليك الصبغة التي صبغك الله بها، بعد أن صرت ملتزما، هذه الصبغة التي يمكن أن نصطلح عليها،{صفات الأخ الملتزم }، لأن من آفات هذا الزمان، أن كل من أطلق لحيته، أو قصر ثوبه، أو ترك معاشرة النساء في الحرام، ظن أنه ملتزم،فهل في الحقيقة تكفي تلك الأشياء لنيل شرف ذلك الاسم؟ولعل التساؤل المطروح بعد ذلك،ما هي صفات الأخ الملتزم؟ لذلك فاعلم أن:

الأخ الملتزم، هو من إذا اطلعت على قلبه، وجدته  شديد الحب لله، كثير الخشية من الله، واسع الرجاء في الله، دائم الصدق مع الله، مملوء بالرضا عن الله، واليقين في الله، راسخ التوكل على الله، كثير الإخلاص لله، والانكسار بين يدي الله، مواظب الشكر لله.

الأخ الملتزم،هو من  إذا اطلعت على حاله  وجدته، نظيف الثوب،طيب الريح، منخفض الصوت، قليل الكلام، قليل الظهور، كثير التبسم، سريع المشية، غاض البصر،منظم الشؤون، كثير الحياء، متين الخلق،رفيع الأدب في كلامه،في تدخلاته، في أكله ،في شربه، في نومه، بل في جميع شؤونه.

الأخ الملتزم، هو من إذا اطلعت على حاله مع الدنيا، وجدته أكثر الناس زهدا فيها، فلا يبغي عم الكفاف زيادة، يعلم أن الرزاق هو الله، وأن الدنيا متاع بلاغ، فلا يجد في قلبه أدنى حب لها، ولا تعلق بها، ولا حرص عليها، ولا خوف منها.

الأخ الملتزم، هو من إذا اطلعت على تعاملاته، وجدته سليم الصدر اتجاه جميع الخلق، يحبهم ويحب الخير لهم، يعترف بفضلهم، يحسن الظن بهم، يعتذر لهم، يرحمهم ويشفق عليهم، يعفو عنهم، يدفع سيئاتهم بالحسنات، فلا ينتصر لنفسه على الإطلاق، بل كاف عن الجدال والمراء الفراق،فلا يهتم إلا بما يعنيه، يعلم أن الكمال لله، فيغمض عينه عن زلات غيره، فلا يغتاب أحدا، ولا يسخر من أحد، ولا يؤذي أحدا... فهو متواضع من غير ذل، مترفع من غير كبر، لا يسأل الناس شيئا على الإطلاق، ولا يلقي لنظرهم بالا، فيستوي عنده المدح والذم، لدرجة أنه لا يكلف نفيه عناء الرد والتبرير للناس، لعلمه أن الله يدافع عن الذين ءامنوا.


الأخ الملتزم، هو من إذا اطلعت على عباداته، وجدته متعلق القلب بالمساجد، فلا يتخلف عنها ولو كان ما كان، ثم يعد ذلك، فهو نشيط في قيامه، ثابت على صيامه، مدمن ذكر حبيبه، ملازم كتاب سيده، معتز بدينه ولغته وتقاليده، فلا يغره قلة السالكين، ولا كثرة الهالكين.

الأخ الملتزم، هو من إذا اطلعت على انشغالاته، وجدته متفوقا في دراسته، شغوفا بكتبه، منشغلا بالدعوة لربه، مجاهدا من أجل رفع رايه دينه، شاطرا في عمله وفي تجارته، ومع ذلك فلا يأكل الحرام ولو مات جوعا.

الأخ الملتزم، هو أكثر الناس نظافة وأناقة وأدبا، فتجده دائم:
1-الحفاظ على الغسل اليومي على الأكثر، والأسبوعي على الأقل (يوم الجمعة)
2-الحرص على تقليم الأظافر، وحلق شعر العانة والإبط، كل جمعة على الأقل.
3-الحرص على دهن الجسم بالدهان، إذا ظهرت عليه آثار الجفاف، مع الإكثار من شرب الماء لإحياء البشرة.
4-الحرص على غسل اليدين بالصابون المعطر، وغسل الأسنان بالمعجون، صباحا ومساء على الأقل، مع الحرص على سلامة الأسنان بصيانتها عند الضرورة.
5-الحرص على جمالية الهندام، دون مبالغة، مع حسن التنسيق بين الألوان.
6-المحافظة على طيب رائحة الملابس (باستخدام العطر) وعلى طيب رائحة البدن(باستخدام مضاد رائحة  العرق).
7-المحافظة على طيب رائحة فراش النوم.
8-التوضؤ عند الاستيقاظ من النوم، وحين العزم عليه.
9-التحلي بأدب الأكل [التسمية والحمد،الأكل باليمين، الاكتفاء بثلاث وجبات، الكف عنه قبل الشبع، المضغ جيدا]، وأدب الشرب [تقطيع الشراب ثلاث مرات جالسا].
10-التحلي بأدب قضاء الحاجة [الإتيان بأذكار الدخول والخروج، إغلاق باب المرحاض، الجلوس أثناءها، الحياء من إطلاع الناس عليك، الاستجمار بالأوراق، ثم الاستنجاء بالماء، تطيب رائحة المرحاض...].
11-التحلي بأدب النوم[التوضؤ له، الإتيان  بأذكار النوم والاستيقاظ، عدم الزيادة على 8ساعات من النوم].
12-القيام بتمارين رياضية يومية، في أي ناد رياضي.
13-عدم الحرص على السمنة، لضررها أولا،ولذهابها بجمال الجسم ورشاقته ثانيا، لكن ينبغي الحرص أكثر على قوة العضلات.
14-المحافظة على نظافة البيت وترتيبه  وجمال رائحته، باستخدام البخور الطيبة العطرة.
15-التحلي بالأدب الرفيع [قلة الكلام، خفض الصوت، غض البصر، قلة الظهور، كثرة التبسم، كره حب الظهور، سلامة الصدر...]

حتى تظهر عليك صبغة الله، {ومن أحسن من الله صبغة لقوم يوقنون}





تخطي عقبة النساء: إن الله عزوجل لما خلق الدنيا دار امتحان خلقها ليعلم الصادق من الكاذب، والذي آثر رضاه عن رضا نفسه وهواه، ولهذا السبب كانت كل هذه الابتلاءات والمحن التي يعاني منها الناس اليوم-لتمحيص الصفوف- ومن هذه الابتلاءات-شهوة الجنس الآخر- التي جعلها الله غريزة فطرية في كل إنسان، حيث أن الله عزوجل أمرهم بأن لا يصرفوها إلا في الحق، ومعنى ذلك أن الله عزوجل لم يجعل أمر التصرف فيها أمرا اختياريا، بل ضبطه بضوابط وقواعد يجب احترامها، حفاظا على المصلحة العامة، فأمر بالزواج، ونهى عن الزنا، لما في ذلك من فوائد جليلة تعود بالنفع على الفرد وعلى الأمة.فالزواج إذن هو الحل الوحيد الذي ارتضاه الله تعالى لعباده لكي يصرفوا فيه شهواتهم تلك،هذه الشهوات التي ما جعلت في الأساس-بعد الابتلاء- إلا من اجل إنجاب الذرية، التي تحافظ على بقاء النسل، لأن في غيابها لن يفكر أحد في هذا الأمر مطلقا.وما كانت الشهوة ابتلاء، إلا لأن أمر الزواج صعب جدا، لما في ذلك من ضرورة التوفر على المسكن، وعلى العمل، وعلى المال الكافي الذي تنفق به على أسرتك، خصوصا في هذا الزمان الذي كثرت فيه متطلبات الحياة، وفسدت فيه أخلاق الناس، وأصبح الزواج تجارة يجني بها الأنساب رؤوس الأموال، بمغالاة المهور،وغير ذلك... لهذا الأمر لم يعد من اليسير الحصول على زوجة إلا بعد بلوغ سنا متأخرة من العمر في غالب الأحيان، عكس سلفنا الصالح، الذي كان الزواج عندهم هو أيسر شيء في الدنيا، لانعدام الأسباب السالفة الذكر.وقمة الابتلاء، تكمن في صعوبة الزواج، وفي مقابل ذلك سهولة الزنا، والتي أصبح أمرها سهلا ميسرا لدرجة لا توصف، الأمر الذي لا يحتاج إلى كثرة إيضاح لمعرفته من طرف الجميع. وهنا الامتحان، فإما أن تعلم أن لك ربا تجود بكل شيء لإرضائه، محبة له سبحانه، وخوفا منه سبحانه، ورجاء فيه سبحانه، وإما أن نتجرأ عليه، وننسى وجوده وإطلاعه، فنعصاه، ولا نهتم بأمره ونهيه، خصوصا مع ستر الله لعباده، وإمهاله لهم، وعدم تعجيل العقوبة لهم، حتى يظهر كأنه يهمل، وهو في الحقيقة يمهل.وهكذا ينقسم الناس إلى فريقين واضحين، فلذلك كان الابتلاء، ولذلك كانت الجنة والنار، فاختر أُُخَيَّ أي الفريقين تختار.
قال رسول الله :"إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا،واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" وقال :"ما تركت فتنة بعدي هي أضر على الرجال من النساء".
فأخطر فتنة تواجه الشباب الملتزم اليوم(للمتزوجين والغير المتزوجين) هي فتنة النساء، خصوصا مع فئة المتبرجات اللاتي انتشرن في بلاد المسلمين، فهن وإن كن غير مرغوب فيهن، غير أن جمالهن  يحجب الإطلاع عن عيوبهن،خاصة إن كن غير متمنعات، لأن انكسارهن في معاملة من يرغبن بفتنه، ورقة نظراتهن اتجاهه، هي التي تفتن في الأصل، والإنسان يتأثر بما هو محسوس ، لأن المرأة ولو كانت جميلة، إن كانت متمنعة، لا تهتم بك على الإطلاق، فأكيد أن تأثيرها على مشاعرك سيكون ضئيلا.وإن كنت معجبا بها،فستنساها بعد حين، لفقدك الأمل فيها، أما إذا كانت، تغويك بابتسامتها الحنونة، ونظراتها الفاتنة، ومشيتها المنكسرة، فأكيد أنك ستجن بها، وسيصعب عليك نسيانها،وإن كانت متوسطة الجمال، وصدق الله القائل:{ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي قلبه مرض} فلو لم تخضع لم تطمع ،لذلك صدق من قال :"العشق، العمى عن عيوب المحبوب" وإن كان الجمال له تأثير أيضا، غير أن تأثيره محدود، و الخطر يكمن في كون أن الفرد إذا فتن، فغالبا ما تحته نفسه ليفتن، الأمر الذي يبيد الإيمان ، قال تعالى:{وخلق الإنسان ضعيفا}  فأكيد أن الحالة التي وصل إليها المسلمون اليوم في هذا الجانب خطيرة جدا، تحتاج إلى حل مستعجل خاصة لهؤلاء الشباب.
ولما كانت حساسية الرجل والمرأة جد مفرطة في هذا الأمر، أغلق الله كل ذريعة  قد تكون سببا للوقوع في الفحشاء، فسن هذه الضوابط:
_ الزنا لا تجوز،  والاستمناء-العادة السرية- أيضا لا يجوز.قال  تعالى:{والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك، فأولئك هم العادون}،أي أن أي شيء غير الزواج، لا يجوز استعماله لقضاء الوطر.
_التحدث مع النساء لضرورة دون الخضوع بالقول،يجوز، كما كان شائعا في عهد رسول الله،والدردشة معهن لا تجوز،لأنها فتنة كبيرة.
_النظر إلى النساء بغير شهوة يجوز كما قال الفقهاء (وهذا أمر نادر)، وبشهوة لا يجوز،قال تعالى:{ قل للمومنين يغضوا من أبصارهم}.
_إفشاء السلام على النساء إذا أمنت الفتنة يجوز،كما كان رسول الله  يفعل بالضبط،  أما مصافحتهن فلا تجوز.قال  :"لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" صححه الألباني.
_الخلوة المتعمدة بالنساء لا تجوز،قال رسول الله:" ما خلا رجل بامرأة، إلا كان الشيطان ثالثهما"وقال: ((لا يخلوَنَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم))ولو للحج،  ومخالطتهن أيضا لا تجوز، فقد سمع أبو أسيد الأنصاري رسول الله يقول للنساء وهو خارج من المسجد  حين اختلطوا  بالرجال في الطريق: استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق  عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به "[ أبو داود]  فالمسجد وهو أطهر مكان حرم فيه ذلك،فكيف بغيره؟.
_خطبة امرأة دون علم أهلها، خصوصا إذا طالت المدة لا يجوز(لأنها فتنة قد لا نثبت أمامها-ولأنها سبب للهم والغم- و أيضا هي فتنة تصرف عن الإيمان والالتزام، خصوصا  إذا لم تتيسر سبل الزواج) قال تعالى:{وائتوا البيوت من أبوابها}.
_دعوة امرأة إلى الدين إذا أمنت الفتنة يجوز، وإلا فلا تجوز.(وإياك والثقة الزائدة في نفسك، فلقد هلك من وثق بنفسه أمام النساء)











حقيقة الحب:
الحب إحساس ينتج عند توفر المحبوب على صفات ذاتية تستلزم ذلك. توجب التعلق به،والعاطفة نحوه،وحب التقرب منه،والتضحية لأجله دون عوض. قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الروم: 20)  
فالله خلق الرجل والمرأة لعبادته، وجعل التزاوج بينهما، وسيلة امتنها الله على الزوجين ليحب أحدهما الآخر، ويسكن أحدهما إلى ا|لآخر،ويعطف أحدهما على الآخر،ويحن أحدهما على الآخر،ويستمتع أحدهما بالآخر،ويتعاون أحدهما مع الآخر،ويشارك أحدهما الآخر في الأهداف والطموحات والهموم، بل في الحياة بشكل عام، حتى يتحدان في ذات واحدة.  
والزوج هو الشبيه بالآخر، المماثل له،المكمل له. لأن الله لما خلق الأزواج، خلق لكل زوج زوجه الذي يصلح لتكملته ظاهرا وباطنا.فالمومن لا ترضيه إلا المومنة، والوسيم لا ترضيه إلا الفاتنة،بل الذميم ترضيه الذميمة، والفاسق ترضيه الفاسقة, أما رأيت الملوك الفساق يتركون الفاتنات جدا، ثم يتزوجون في الأخير زوجة عادية؟ والفساق يتركون المرأة العفيفة، ثم يتزوجون في الأخير زوجة خائنة؟ لأن الزوج هو المكمل لزوجه في الصفات التي يتوفر عليها ظاهر وباطنا، وكلما كان الاختلاف بين الزوجين في هذه الصفات، حدث التنافر بقدر الاختلاف، ولا يتم كمال الاتحاد إلا بالتوافق التام ظاهرا وباطنا، سواء كان ذلك جمالا أو قبحا، فسادا أو صلاحا، وهكذا...
والحب الخالص،هو أن تحب المرء لذاته ثم لمقوماته التي تلائمه،لأن من أحب شخصا لمقومات فيه،إذا انعدمت تلك المقومات ذهب الحب،كمن يحب امرأة لأجل جمالها أتظن أنه سيستمر في حبها إن وجد من هي أجمل منها؟لذلك قال رسول الله ::"تنكح المرأة لأربع،لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"لأنه حب لذات المرأة لا لمقوماتها،أما المال،والحسب،والجمال،فهو إعجاب أو طمع ينتهي بانتهائه. لذلك فالحب ينبغي أن يكون لذات الشخص أولا،ثم تأتي الأشياء الأخرى الضرورية كالجمال وغيره،بطريقة لا تعكر صفو الحب.لأن الجمال هو الآخر ضروري،لذلك قال رسول الله :"انظر إليها" لأن الإنسان فطر على حب الجمال الذي يلائمه.فبدونه قد لا يتم الاستمتاع المرجو، لكن لا ينبغي أن يكون هدفا في حد ذاته،فإذا أصيب الجمال بعيوب طارئة مثلا،ينبغي أن يزيد الحب والعطف،لا العكس،وذلك لألا يصير الزوج وسيلة للمتعة فقط. فالذي يجعل المرء يحب فعلا، فلا ينسى محبوبه، ولو حدث ما حدث، هو –دينها وخلقها- إذ هو الذي يثبت الحب الأول أو ينفيه. وهذا الأمر لا يتأتى إلا عن طريق العشرة وحسن الاختيار.
أما الحب المزيف: فهو أن تحب الشخص لمقومات فيه، لأن الحب إذا كان لايتأتى إلا بأن يحب الرجل المرء لذاته،فإن أغلب من ظنوا أنهم قد أحبوا، إنما هم قد فتنوا بالجمال، فإذا علمنا أن الجمال ينسي بعضه بعضا، فبمجرد أن يشاهد من هي أجمل منها، سينساها  ولو قال ما قال. خاصة وأن بعض النساء مثل الزهور الصناعية،يسرك منظرها من بعيد، فإذا اقتربت منها وشممتها،سقطت من عينيك،ولو وزنتها بدون المساحيق التي تضعها على وجهها لخُيل إليك أنها نقصت النصف،لذلك فالذين يحبون المرأة وهي بعيدة،أكثر من الذين يحبونها وهي قريبة.وهذا ليس بحب،بل إعجاب، لأن للجمال تعبيرات تحدث في القلب نوعا من التعلق الفطري اتجاه الآخر،فإذا وافقه المحبوب وخضع له،فإن تعلقه به سيزيد، خاصة وأن التأثر يزيد بكل من يوحي إلى المرء أنه يحبه بالدلال ورقة النظرات. فتأثير الدلال، أكثر من الجمال، لأن الانكسار في المعاملة، ورقة النظرات، لا أقول تفتن، بل تجنن، لأن الإنسان مفطور على حب من يتقرب منه عموما، فالمرأة مثلا إن كانت جميلة و متمنعة، فأكيد أن تأثيرها على مشاعر الرجل سيكون ضئيلا، وإن كان معجبا بها، فسينساها بعد حين، لفقده الأمل فيها،وعدم قدرته على اقتحام شخصيتها،أما إن كانت، تغويه بابتسامتها الحنونة،ونظراتها الفاتنة الخاطفة، ومشيتها المنكسرة، فأكيد أنه سيجن بها، ويستصعب نسيانها، وصدق الله القائل:{ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي قلبه مرض} فلو لم تخضع لم تطمع، وهذا حب معمي، تعميه الغريزة، لأن مشاعر العطف، تجعل المحبوب يظهر أرق إنسان في الدنيا حتى تتم معاشرة أخلاقه. خاصة بالنسبة للفساق، لأن كل فاسق فاسد. فإذا رأيت الإنسان بعد ذلك تتحول مشاعره من حب لبغض، فاعلم أنه كان معميا بمشاعر الإعجاب، لذلك صدق من قال: "العشق، العمى عن عيوب المحبوب" وهذا كما قلت ليس بحب، فالحب الحقيقي، يجعل المرء يحب ذلك الشخص لذاته، لا لشيء آخر، فلا يتخلى عنه ولو رأى من رأى،عكس المعجب بالجمال أو الدلال  فهو إن رأى من هو أفضل، نسيه. فالعلاقة قبل الزواج إعجاب براق، أما بعد الزواج، فإما حب في الآفاق،أو كره لا يطاق. وأغلب من فشلوا في الحب، فشلوا لأنهم خدعوا بالظاهر، فلما لمسوا الباطن، فوجوده على خلاف المنتظر، تحول ذلك الحب إلى العكس من ذلك تماما.
أما غريزة الجنس فموجودة في نفس الإنسان وجوبا، فإذا أحب الإنسان حبا حقيقيا لذات الشخص، فإنه يكون وسيلة للتعبير عن الحب لا غاية للاستمتاع، أما إذا كانت تثار بالجمال وروعة المفاتن فقط، فإنها تكون غريزة لا علاقة لها بالحب، تجعل المحبوب وسيلة للاستمتاع فقط، فإن رأى من هو أجمل نسيه؟ لذلك كرم الله عزوجل المومنة فجعلها تحب لذاتها، وأذل الفاسقة فجعلها تحب لمقوماتها وجمالها، فسرعان ما تنسى.
وإذا كان الرجل من طبعه أنه يتأثر بالجمال أولا، فإن المرأة من طبعها، أنها تتأثر بشخصية الرجل قبل جماله، لأن هناك فرق في الطبيعة الفطرية للرجل والمرأة،فالمرأة ليست كالرجل في قوة التأثر بالجمال،وإن كانت تحب الجمال،لأن الإنسان عموما بطبعه الفطري يحب الجمال، لكن المرأة تحب عن طريق الأذن،عكس الرجل الذي يحب عن طريق العين. فالرجال أشد افتتاناً بالمرأة لا العكس، فقد قال تعالى:"زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ" فخصّ تعالى النساء بأنهنّ مزيّنات للرجال، ولذلك يتأكّد الأمر للرجل بغضّ البصر عن الحرام ولا يحتدّ الخلاف الفقهي فيه كالمرأة . لأن حصول افتتان المرأة بالنظر إلى الرجل أخفّ من حصول افتتان الرجل بها !!فالرجال لم يؤمروا بالتحجّب عن النساء. أما هن فمأمورات بالحجاب بشقيه، بلزوم البيوت:"وقرن في بيوتكنّ" وبلبس الجلباب. مما يدل على ضعف فتنة النظر عند النساء بالرجال -وأقول ضعف وليس انعدام-  إضافة إلى  الخلاف الفقهي في حكم غض البصر بالنسبة للمرأة عن الرجال. إذ اتفق العلماء جميعا على أن نظر المرأة إلى الأجنبي بشهوة محرم قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم ( 6/184 ) : (وأما نظر المرأة إلى وجه الرجل الأجنبي فإن كان بشهوة فحرام بالاتفاق ) . بينما نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي بدون شهوة فقد اختلف العلماء فيه :فجمهور العلماء ( الحنفية والمالكية والحنابلة ) يرون جواز ذلك وأدلتهم في ذلك :حديث عائشة رضي الله عنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا انظر إلى الحبشة وهم يلعبون ..) رواه مسلم والحديث ظاهر الدلالة في ان المرأة تنظر إلى الرجل.  وحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن زوجها طلقها فأبى أن ينفق عليها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها :( لا نفقة لك فانتقلي فاذهبي إلى ابن أم مكتوم فكوني عنده فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ) رواه مسلم) أما عند الشافعية ورواية عند الحنابلة عدم جواز ذلك، مستدلين بعموم الأمر بغض البصر . لذلك فالله عزوجل لما خلق الرجل والمرأة، جعل الرجل قادرا على أن يحب أكثر من امرأة واحدة. ولهذا السبب بالضبط أباح الله تعالى للرجل التعدد، عكس المرأة التي جعلها الله لا تتطلع إلا لرجل واحد إن أحبته، بل ولا تمانع أن يتزوج غيرها -إن حافظت على فطرتها- أما علمت أن الرجل في الجنة يتزوج من الحور العين ما شاء، فيحبهن كلهن، ويحببنه كلهن؟ بل وهؤلاء نساء النبي، لم نسمع منهن تضجرا من كثرة زواجه  سوى الغيرة، ليظهر بجلاء أن من فطرة المرأة، أنها لا تمانع من أن يتزوج زوجها غيرها، لكنها تغار، لأنها تريد أن تكون الأحب إلى قلب الزوج، وهذا ما يزيد العلاقة حسنا و جمالا.  يقول ديل كاريفي:"قد يتسع قلب الرجل لحب امرأتين في وقت واحد، ولكن يستحيل أن نصدق أن قلب امرأة ينطوي على حب صادق لأكثر من رجل"  لذلك، فليس كل امرأة تقول لك أحبك، تصدق، خاصة التي سرعان ما تتفوه بها، لذلك صدق من قال:"الفتاة التي تصارحك بحبها من أول لقاء تتركك دون كلمة وداع.
فالحب نعمة، فإن جاء وظروف اللقاء بالحلال متوفرة، كان من أروع الأشياء في الدنيا، وإلا كان أتعس الأشياء في الدنيا.
وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله
وهنا وجب التحدث مع لنفس بصراحة بالغة
_إن كنت قادرا على الزواج  بإمكاناتك، أو بإمكانات غيرك (إن لم يحدث ذلك منا عليك) فتزوج  دون تتردد، ودون احتجاج بالفقر، قال تعالى:{وإن خفتم عيلة، فسوف يغنيكم الله من فضله} بأكثر النساء تدينا، وخلقا ، ومنشأ، ولا حرج أن يأتي الجمال بعد ذلك، أما الجمال فقط (أي المتبرجات) فلا وألف لا،فينبغي أن تقطع بسكين اليأس أملك فيهن، من أجل ذلك راجع صفات الأخت الملتزمة، لتكون لك القدوة في الاختيار، املأ قلبك بها حتى وإن لم ترها، واسأل الله أن بجمعك بها، بعد أن تعلم أن من أراد فاطمة، فلابد أن يكون عليا، فهل تستوي العفيفة، الطاهرة، سليمة الصدر،رفيعة الخلق، بغيرها؟ وصدق الله القائل:{قل لا يستوي الخبيث والطيب، ولو أعجبك كثرة الخبيث} وما ذلك، إلا لأن نفس الإنسان خبيثة عموما، إن لم يقومها الدين لن تتقوم -والوردة التي يشمها الكثيرون تفقد عبيرها-  فلذلك، إذا أردت الزواج فتزوج  بمومنة:{ولاء وبراء لله تعالى،إعانة لك على الدين وعلى  بناء الأسرة المسلمة، أمنا من المشاكل الناتجة عن حب الدنيا، أمنا من الخيانة و من كونها ذات علاقات مسبقة،استمتاعا بحسن خلقها...} لأن لله  سننا في الكون، لا تتبدل، ولا تتغير، ولا تحابي أحدا من الخلق بحال، ولو بالدعاء،لأنها أساس الابتلاء، قال تعالى:{سنة الله، ولن تجد لسنتنا تبديلا، ولن تجد لسنتنا تحويلا} ومن هذه السنن، سنة حسن الاختيار، فالله سيكلك إلى ما اخترت، لذلك اعلم أنك مبتلى في هذا الجانب ليظهر صدقك فانتبه. قال رسول الله :"تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك" فلاحظ كيف أخر رسول الله  ذات الدين، لكونها آخر ما يفكر فيه الرجل في الاختيار، وهذا هو السر في هذه السنة، والسر في هذا الابتلاء، والسر في أن الله عزوجل سيكلك إلى اختيارك، لأنه من سيتزوج أولئك المنتقبات، اللاتي غطين وجوههن لله، وهن يردن الزواج،  إن كان كل مومن سيحذو حذوك؟ فاختر مراد الله، والله لن يضيعك.
وهذه ليس دعوة لإلغاء جانب الجمال، فهو ضروري جدا، وبدونه قد لا تستمر الحياة على الوجه المطلوب، ولذلك أمر رسول الله  بالنظر إلى المخطوبة. ولكن هذه دعوة لعدم تغليبه على الدين، لذلك اختر منقبة لله، واسأل الله أن تكون جميلة، وأكيد أن الله لن يضيعك إذا أحسنت الظن بالله كما يجب. أو ذلك أمر صعب على الله؟
 واحذر من تلبيس الشيطان عليك، كأن  ُيمَنِّ نفسك و يخدعها، بأن تلك المتبرجة ستتوب، وسيصير حكمها حكم الملتزمات، فييسر لك أمر توبتها، ويجعل أمرها بين عينيك سهلا ميسرا، خلافا لما هي عليه، فالتوبة الصادقة  شأن عظيم، لا يحدث إلا بانزعاج القلب لروعة الانتباه، وهذا أمر يصعب على من اصطنعت التوبة من أجل الزواج أو الحب، لأن الإيمان لم يدخل في قلبها، وعورات توبتها، ستبدأ تظهر بعد فترة يسيرة من الزواج، حين تملكك وتألفك{حتى ولو كانت تحبك}لأن التوبة لا علاقة لها بالحب،فهي علاقة خالصة بين العبد وربه،وتأمل في زوجتي سيدنا نوح، وسيدنا لوط، اللاتي قال الله فيهن:{ضرب الله مثلا  للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط، كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين، فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا، وقيل ادخلا النار مع الداخلين}
لذلك فأنا أنصحك مجددا بأن تنسى أمر المتبرجات،حتى ولو رأيت ملكة جمالهن، حتى يتبن توبة نصوحا من أجل الله، لا من أجل الزواج أو الحب، قال تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يومن، ولأمة مومنة خير من مشركة ولو أعجبتكم} وقياسا على ذلك، يكره نكح الفاسقات حتى يتبن، لأن كل فاسق فاسد بحسب درجة فسقه حتى يتوب، فالتي لم تستح من أن تخرج وهي مظهرة لمؤخرتها، كاشفة لأجزاء من ثديها، تحادث هذا وهذا، وربما تحادثك أنت أيضا، بلا حياء ولا حشمة، بألفاظ صار الرجال يستحيون من ذكرها، وبطموحات لا تتعدى بطنها وفرجها ومظهرها، وبهموم لا تتجاوز قدرتها على اصطياد الرجال، بالنظرة الفاتنة والمشية لمنكسرة واللباس الفاضح، فهل هذه امرأة تحب؟ولكن أين هم أهل الغيرة  والنخوة من الرجال؟ ولم الاستغراب؟ فالذنوب تفعل أكثر من هذا.
ولعل أهم شيء يعين على ذلك استشعار الفرق بين المومنات وغيرهن،لأن مثلهن كمثل كنهري الدجال .إن ارتميت في مائه، سقطت في ناره
(فإما أن تمل جمالها لظهور الأجمل منها{وهذا أمر جد وارد،حتى لو ملكت أجمل النساء،لأنه إن كان مطلبك من المرأة الجمال فقط، فالجمال لا ينتهي، حتى إن رأيت من تضاهي جمال امرأتك ودلالها، فستنساها، لأن كل مملوك مملول، وكل ممنوع مرغوب، خاصة بعد المعاشرة ، فالنفس طامعة،إذا أطمعتها طمعت، إلا إذا فطمت}
وإما أن تمل سوء أخلاقها، وهذا هو الغالب{ لأنه إذا كان  المومنات، اللاتي لا يفترن عن محاولة تقويم أنفسهن، نهين أن نكرههن، للآفات التي ستبقى فيهن،  فما بالك بغيرهن؟ قال رسول الله:" لا يفرك مومن مومنة، إن كره منها خلقا، رضي منها آخر" فنفس الإنسان خبيثة عموما، إن لم يقومها الدين لن تتقوم أبدا. لذلك، من يتزوج امرأة لأجل جمالها كمن  يشتري بيتا لجمال واجهته، ولا يدري ما بداخله.
  وإما تنشأ بينكم الخلافات الناتجة عن حب الدنيا لكثرة متطلباتها، فهي أكثر من يحب المال، والزينة، والمتعة، والشهرة... والمرأة إذا لم تحب من قلبها (أو لم تحب لوجه الله),فيمكن إغراؤها ببريق من الذهب,  فالمال أعظم شهوة مسلطة على المرأة في الدنيا. خاصة وأن هذا الجانب من أعظم أسباب الطلاق.
وإما أن تَمَلَّكَ هِيً، فَتُذِلك، وتخونك، إن لم تكن تحبك. قال الشيرازي:"لست أستطيع أن أعيب جمالك أيتها المرأة في شيء،إلا أن الحب والوفاء لا يجتمعان في أصحاب الوجوه الجميلة"(لأنهن يرغبن في الثناء على جمالهن،والإعجاب به)  وتقول ماري ستيوارت:" تحتقر المرأة من يحبها، ما لم تحبه هي أيضاً" وقال لنكولن:"تمقت المرأة الرجل الغيور الذي لا تحبه، ويغضبها الحبيب الذي لا يغار". فأمثال هؤلاء، اللاتي لا حب في قلوبهن، إن أرحتهن أتعبنك. فلماذا السقوط إذن في كل هذه الآفات التي تنغص الحياة؟ والتي تقع ولابد، لكل من أعرض عن اختيار مراد الله.
وهذا الكلام ليس جلدا للمرأة، بل هو كلام موجه لها أيضا، لتعلم أن الرجل الغير المتدين، مثل ذلك تماما. فليست هذه دعوة للحقد على المتبرجات، بل هي دعوة للحذر منهن خشية السقوط في المحذور، وإلا فوجب الإشفاق عليهن، ورحمتهن، والدعاء معهن، لعل الله يتوب عليهن، فهن من البشر أيضا.
أما إذا ارتميت في ناره، سقطت في جنانه، فاستعد بعد ذلك  للاستمتاع  بأخلاق من رباها الدين، وأزال من نفسها أغلب علاتها،فصارت صندوق مجوهرات، تكشف كل يوم عن جوهرة جديدة، لأنك اخترت الدين والأخلاق، فلم تعد نفسك تطمع لشيء بعدها، سوى يوم تدخلان الجنة، فلذلك أخي{لا تتبع الهوى، فيضلك عن سبيل الله} فالسعادة  الحقة مع المومنات، حتى وإن كن متوسطات الجمال، فالعلاقة بين الرجل والمرأة، ليست علاقة بدن فقط، بل علاقة بدن وروح، والمشاعر تأثر أكثر من غيرها، فالمرأة  المومنة دمعة، والرجل أرق من تلك الدمعة، فعندما تبكي بين يديه حبا فيه، بأخلاقها تلك، تتحطم قوته.  وهذا ما  ينقص المتبرجات -الأخلاق- (من حشمة، وحياء، وقناعة، وزهد، وطاعة المبصرة للزوج، وسلامة صدر، ورقة مشاعر، ووفاء، وشكر ،وهكذا..) لذلك قال:"فاظفر بذات الدين، تربت يداك" فالحب الحقيقي كالأشباح،كثيرون يتكلمون عنه، وقليلون منهم رأوه.  فلذلك، أزل غشاوة العشق التي تعميك، حتى تبصر الأمور على حقيقتها. واعلم أنه كلما كانت قيمة المتروك أعظم، كلما كان الجزاء أعظم، لأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه،  فالله ربك و لن يضيعك، يا من أعجبت بفتاة-وأنت عليها قادر بالطبع- ثم تركتها لله، فالله سيرزقك من ستنسيك  إياها، إذا صبرت واحتسبت لله. فالله على ذلك أكثر من قدير،لكن كن عبدا لله كما يريد، حتى  يكون لك فوق ما تريد"فسيغنيك يا مسكين".

_إذا لم تكن قادرا،فعليك بنسيان الموضوع مطلقا،ثم الترجل للأخذ بالخطوات التالية،لأن طموحاتك الإيمانية،العلمية،والعملية ستكون في خطر
1- الدعاء، بأن يحفظك الله من هذه الفتنة، وأن يعجل لك بالزواج من حيث لا تحتسب.
2- الاجتهاد في تحصيل الباءة.
3-تحديد الهدف: فالمومن هدفه الوحيد الزواج بامرأة مومنة حيية، تائبة، طائعة، جميلة،لا يبغي بها بدلا على الإطلاق، فمتى استطاع التركيز على الهدف لم يلتفت إلى غيرها.فالحب الحقيقي، أن تحب الشخص لذاته، ولا يحب الشخص لذاته، إلا إذا كان متميزا بآدابه وأخلاقه، ولا يكون كذلك، إلا إذا كان ملتزما بدينه وشرائع ربه.  فخلاصة القول، أنه إن كانت بينك، وبين امرأة متبرجة، علاقة حب، فينبغي أن تقطعها بشكل نهائي لا رجعة فيه، ولو كنت تحبها وتحبك -إلا إذا تابت توبة صادقة، فهذا أمر آخر- و لن تضيع أكيد. لأنه كم من امرأة أعجبتك، وظننت أنك لا تستطيع العيش دونها، وما هي إلا أشهر قليلة، حتى نسيتها بظهور الأفضل منها؟ فكيف تقول إذن أنك لا تستطيع العيش دون هذه التي أحببتها من جديد؟ ألم تر أنك حين تمر أمام من كنت معجبا بها من قبل،لا تشعر بأي شيء، فلم لا تفعل ذلك مع هذه المرأة لترتاح؟

4-كيفية مواجهة التأثر بالجمال؟ (لكون الجمال فتان، والدلال قتال، ولو مع مومن شديد الإيمان.)
1- الأنفة من الوقوع في آثار العشق –خاصة الغير المتاح- والسقوط  أسيرا بين يدي امرأة تسومك سوء العذاب، تتعلق بها حتى تشغل كل فكرك، فتصير كالأحمق، تعانق صورتها فقط في  مخيلتك ،وتظل الساعات والساعات  واقفا أمام بيتها تحلم بإطلالة منها، تهدم كل طموحاتك من أجلها، فهلا قمت لتذوق حلاوة الترجل يا ذليل؟ فالعشق ذل وعذاب.قال كامل الشناوي:"الحب جحيم يُطاق، والحياة بدون حب نعيم لا يطُاق".و الأَمَرَّ من ذلك كله، أنه  قد يفوق محبة الله عزوجل، فيكون شركا.
2- المكث في البيت إلا لضرورة، والمرور من الشوارع الخالية منهن، فإياك أن تغتر بعزمك على ترك الهوى مع مقاربة الفتنة. لأن المومن حتى ولو احتقر المتبرجات، فلا يمكنه احتقار الجمال. خصوصا إذا كان معجبا به، لأنه سيصعب عليه الابتعاد عنه، لأن محبة من لم يرى، ليس كمن رأى. ومحبة من باشر، ليس كمن لم يباشر، فمن أحب وباشر، توبته أصعب ممن لم يباشر، لأن القلب انعكف على المحبوب، وكلما رآه، زاد تعلقه به، لذلك، فالابتعاد عما يثير الإحساس، يفقد الإحساس، لذلك، خد مني هذه النصيحة: إذا أردت سعادة الدنيا والآخرة، ابتعد عن النساء وأماكن تواجدهن. ولا تقلق، فالجمال ينسي بعضه بعضا، وسيزوجك الله بمن هي أفضل جمالا ودلالا وخلقا...
3- الالتزام بغض البصر  الذي لا يتحقق إلا بالخشية من الله عزوجل، والاعتياد على توجيهه صوب الأرض دائما، فتثبت. فعشق الصور هو النتيجة الحتمية، للإعراض عن أمر الله عزوجل بغض البصر، فمن أطلق نظراته، دامت حسراته  للجمال الذي يراه كل مرة في حلة تبهر.
4- سد مداخل الشيطان، بالالتزام بضوابط العلاقة بين الجنسين، وبتوقي المهيجات الشهوانية كالتلفاز وغيره، وذلك باستشعار خطرهن الدنيوي والأخروي.
5- استشعار دناءة المتبرجات.لأنه، يا لقبح فتاة لا حياء لها    وإن تحلت بغالي الماس و الذهب.
6-استشعار دنو الأجل، وسرعة انقضاء الدنيا، وأنها ما هي إلا أيام قلائل، ثم معانقة الحور العين في الجنة.فسلعة الله غالية،وسلعة الله الجنة، والجنة لا يدخلها إلا أصحاب التضحيات الكبرى،قال تعالى:{لن تنالوا البر،حتى تنفقوا مما تحبون}. والتضحية بالمرأة دليل على صدق الإيمان، وقوة الحب لله، لذلك قالوا:"بالنار يختبر الذهب وبالذهب تختبر المرأة وبالمرأة يختبر الرجل"

6- كيفية مواجهة المرأة الجميلة التي تحبك وتغويك؟ أخي لا تكن ممن يبيع دينه بعرض من الدنيا ، حتى ولو مع أجمل وأرق نساء العالمين، لأنها محط الابتلاء، وإظهار حقيقة محبة الله، ولا أظن أن الله عزوجل خصص سورة بأكملها ، ليبين عظمة ما قام به سيدنا يوسف اعتباطا؟ وما أظن أنه جعل الذي قال  لذات المنصب والجمال التي عرضت نفسها عليه " إني أخاف الله رب العالمين" من السبعة الذين سيظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله اعتباطا؟ فالفتنة شديدة، لأن الرجل كما قلت، ضعيف جدا أمام امرأة تقول له: "أحبك" فإياك إذن والضعف، فتلك مشاعر قد تشعر بها أمام أي امرأة لها نفس الشعور اتجاهك، ستقول لي هي تحبني،وأنا يؤثر في حبها ودلالها،أقول اعلم أنها ولو كانت تحبك وبقوة، فإنها إن وجدتك متمنعا، فستنساك، فإذا نسيتك، صارت الأمور بينكما بشكل عادي جدا،فاصبر وقم بما يلي:
1-الصرامة في معاملتها رحمة بها، لأنك إن خضعت، فسيزيد حبها لك، ويزيد ضعفك أمامها، وليس معنى ذلك سوء الأدب، ولكنه الأدب الحازم. وكل ذلك مع الابتعاد عنها وغض البصر أمامها.
2-عدم التطلع إلى فتنها رحمة بها، بعدم المبالغة في التزين، وغير ذلك، فهل تريد أن تتعذب امرأة بسببك؟ فأين هو الحب  و الرحمة لجميع الخلق إذن؟ لذلك فمن مستجدات الزمان، ما يمكن أن نسميه "تبرج الرجال" وأنا أقول لهؤلاء، اعلموا أن الوسيم لا يحتاج إلى تزيين، ولكن التزيين، إنما هو للشاعرين بالنقص، والمحبين للظهور سرعان ما يملون، فهي سنة.
3- تحويل تلك المشاعر التي تشعر بها اتجاهها،إلى دعاء لله عزوجل معها،أن يهديها،ويسعدها،وينسيها إياك،ويحفظك من فتنتها.يقينا منك أن أدعية الطائعين مستجابة. وعلما منك أنها إن نسيتك، فالأمور ستمر على أحسن ما يرام، ثم قد ربحت أدعية، قد استجيبت، فتفرح لما تراها سعيدة مع زوج آخر، لا تكنا لبعضكما سوى الاحترام والتقدير. أو ليس هذا أمر جيد؟
4- العلم بأن الله عزوجل سيعوضك خيرا من ذلك، في الدنيا و الآخرة.
وأعود لأذكر، بأنه كم من امرأة أعجبتك، وظننت أنك لا تستطيع العيش دونها، وما هي إلا أشهر قليلة، حتى نسيتها بظهور الأفضل منها؟ فكيف تقول إذن أنك لا تستطيع العيش دون هذه التي أحببتها من جديد؟
7-كيفية مجابهة الفراغ العاطفي؟
1-استشعار ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقنا، تعبدا، وتعلما، وجهادا من أجل نصرة هذا الدين, فلا مجال لإضاعة الوقت في التفكير في هذه الأمور. لأن الحب لا يقع إلا في القلب الخالي، وصدق من قال: أتاني هواها قبل أن اعرف الهوى    فصادف قلبا خاليا فتمكنا.
2- المواظبة على الصيام، مع ترك الاستمناء لإسكان البدن(فكثرة الأكل تكثر المني المثير للشهوة في الجسم، والاستمناء يهيج الذكر بصفة مستمرة) ،مع الانشغال  بالعلم والعمل لشغل الفكر عن التفكير في أمر الشهوة، و الإكثار من التعبد(لملأ القلب بمحبة الله، والتي تذوب بجانبها كل محبة)
3- حفظ الخطرات، بمحاولة تغيير وضعك حين ورودها، وبالانشغال بشيء ينسيك فيها، كاللعب بلعبة في الهاتف، أو أي شيء غير ذلك...
4- الصبر، فالموعد مع الحور العين إن شاء الله،فلا تنس ذلك. فهذا ابتلاء،والله لن يضيع أجر من جاهد في سبيله.

ثم أخيرا ينبغي لزوم الاستغفار والإكثار منه، لألا يتسخ القلب، وذلك لأن ابن آدم كتب له حظه من الزنا، فهو مدركه لامحالة.
وتأمل في قول هذا الرجل الغير المسلم، ويدعى كونفوشيوس  حين قال:" ما أقدس الرجال ، لو كان حبهم لله يعادل حبهم للمرأة ."
فإذا فهمت المقصود، علمت أن الابتلاء بالنساء مقصود.
وهذه قصص بدون تعليق، أقدمها ،  لتعلم مدى ضعف الإنسان أمام هذه الفتنة، وبأن الشيطان يتحين الفرص لإسقاط العبد في فخ الزنا:

1-شابة يسأل، أنها تعرفت على صديق لها في الجامعة وكلاهما متدينان ، وكانت تساعده في بداية الأمر وتطورت العلاقة بينهما حتى قبلها يوما ما وندما على هذا الفعل ، ولكنه عاد وقبلها مرة أخرى فقررا الزواج ، بسبب ظروفهما المالية والاجتماعية لم يتمكنا من الزواج ولكنهما تعاهدا على الزواج وعدم الخيانة والله يعلم نيتهما وكان هذا بحضور الملائكة كشهود ، أصبحا بعد هذا يمسكا أيدي بعضهما البعض ويقبلا بعضهما دون شعور بالذنب ثم أصبح بينهما جماع ، هل زواجهما صالحاً وهل يعتبر ما فعلاه من الزنا وهل يغفر الله لهما إن تابا ؟
2- أنا فتاة تخرجت من الجامعة قبل 4 سنوات ، والحمد لله ملتزمة بالحجاب ، وحفظ القرآن ، وأحب الإسلام كثيراً ، وأرغب في أن أكون على علم بكل تفاصيل ديني ، أنا نشأت في عائلة محافظة ، وخلال جميع مراحل حياتي لم أختلط مع الشباب ، وحتى في العمل ، ولم يدخل رقم " موبايل " شاب إلى موبايلي ، ودائماً كنت أدعو الله أن يرزقني الله زوجاً صالحاً ، يساعدني على تعلم الشريعة والقرآن ، ويساعدني على الالتزام ، ورفضت كل من تقدم لي من الشباب لأنهم لم يكونوا بمستوى التدين الذي كنت أحلم به . ومشكلتي تبدأ عندما فتحت مكتباً هندسيّاً ، وصرت أعمل فيه لأساعد أهلي ، حيث تعرفت على شاب كان يتردد إلى مكتبي لبعض أشغاله ، وهو يدرس الماجستير بعلم الحديث ، وهو من الأوائل في تخصصه ، فسألته إن كنت أستطيع الاعتماد عليه لبعض الأسئلة المتعلقة بالشرع ، فطلب مني رقم تلفوني كي يخبرني بالجواب ، فأعطيته الرقم ؛ لأنني واثقة من نفسي ، ومنه ، فهو من أهل الشريعة ، ولا أخفي أنني أعجبت بشخصيته الإسلامية كثيراً ، فقلما ترى شابّاً يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ويترك لحيته في مجتمعي ، وبعدها خابرني ، وردَّ لي الجواب ، وقال إنك تستطيعين الاتصال كلما احتجت لشيء ، وبعدها أرسلت له رسالة لأشكره ، وأهنئه بمناسبة شهر رمضان ، فردَّ على رسالتي ، وبعدها صار يرسل لي بين كل فترة وأخرى رسائل تشتمل على نصائح ، ودعاء ، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وصرت أرد عليه بالمثل ، مع أنني كنت أفرح برسائله كثيراً ، وكانت تحسسني بأنه يتذكرني ، ويفكر فيَّ ، وكنت أدعو الله أن يجعله من نصيبي ، وكنت أقول إنه ربما يتخرج ، ويتقدم لخطبتي . لا أدري لماذا تعلقت به ، وكلما تقدم لي شاب كنت أرفضه ، وأقارن بينهما وخاصة بمسألة التدين ، ولكنني في بعض الأحيان كنت أقول بأن تبادل الرسائل معه حرام ، وكنت أتوقف عن ذلك ، لكنه كان يراسلني بالأسبوع رسالة ، فكنت أرجع وأقول : إنه لو كان حراماً فهو من أهل العلم ، فكيف يرضى بذلك ؟ وأنا لا أعرف إن كان متزوجاً ، أو لا ، إلا أنني أظن أنه لو كان متزوجاً ما كان ليراسلني ، فأنا أعرف المجتمع الذي أعيش فيه . وأنا الآن لا أدري ماذا أفعل ؟ وكيف لي أن أعرف إن كان متزوجاً أو لا ؟ أو إن كان يريدني أو لا ؟ وإن كانت مراسلته لي حرام ؟ وهل أبقى أنتظره ؟ ولا يوجد من يساعدني ممن أثق بهم ، وأنا أعلم أن ظروفه المادية ليست جيدة ، وكنت أقول : إن هذا هو السبب لأنني على قدر من الجمال مما يجعل الكثيرين يتقدمون لي ، انصحوني ، أرجوكم
3-أنا متزوجة من رجل دين وعلى خلُق ( فيما يظهر لي وللناس ) المشكلة : أنه بعد دخول الانترنت أصبح يدخل إلى الشات والمنتديات بحجة الدعوة إلى الله وتفريج كرب المسلمين ، ثم أصبح التواصل مع هؤلاء الناس أكثر من المساعدة فقط ، فقد أصبح هناك سؤال عن الأحوال الشخصية ، وحتى الحالة النفسية ، وتطور الأمر أكثر من ذلك فأصبح اتصال بالجوال ، ورسائل بأنواعها ، وتطور الأمر إلى السفر إليهم ومقابلة الجنسين بكل سهوله ، والجلوس معهم ، ومناقشة أمور الدين ، وغيرها ، وقد كنت أتحاور معه على هذا الموضوع باستمرار ، ولكن دون فائدة ، بل أصبح يخفي بعض الأمور بدعوى أنها حياته الشخصية ، وعندما أوضح له أنه لا يجوز له مخاطبة النساء الأجانب والتحاور معهم على الأمور الشخصية : يتحجج بأن الشيوخ يفعلون ذلك ولا حرج ، ويحثني على أن أنتبه للعائلة وأدعه في شأنه ، وعند مناقشة هذا الأمر معه يقول : إن هذا أمر عادي ، ولكن المجتمع السعودي متخلف ، ومتحجر ، ولا يفهم التطور ومحاورة الآخرين ، وسوف يتقبل المجتمع ذلك كما تقبل الدش ، والآن تعرَّف على امرأة من الانترنت ، وقدَّم لها المساعدة ، وأصبح يتابع أخبارها باستمرار ، ثم سافر إلى بلدهم وقابل زوج صديقتها ، ثم جلسوا مع بعض ، وتناقشوا في عدة أمور ، ثم رأى أن حل مشكلة هذه المرأة بالزواج منه ، فعرض عليها الزواج ، ثم بعد الرجوع إلى السعودية أخبرني أنه سيتزوج منها ، وهو يسعى إلى إيجاد التصريح ولو دفع مالاً مقابل ذلك ، وأصبحت أنا أتحمل مسؤولية تربية الأبناء وحدي ( وقد كنت من الأول أنا أتحمل المسؤولية ) ، المشكلة كذلك أنه طوال الوقت مشغول بالعمل والدراسة ، ونادر التواجد في البيت ، وعند مناقشة هذا الأمر معه كان يقول إن في السلف من يغيب عن بيته بالسنوات ، والمرأة هي من يقوم بالتربية وعند التحدث عن الانشغال أيضا بالزوجة الثانية يقول : لا ، بل سينظم وقته ، ويتفرغ لزوجاته وأبنائه ، وإنا بصراحة أشك في ذلك ، أنا لم أهمل زوجي ، ولا نفسي ، ولا أولادي ، لكنني إنسانة لا أحب المجادلة ، وكنت أثق فيه ، ولم أتصور أن يتطور الأمر إلى ذلك ، فقد أصبح همَّه ، وعند سؤاله يخبرني بأن الله هو من يحاسبه . أفيدوني بارك الله فيكم ماذا أعمل ؟
4-أنا فتاة من عائلة معروفه جدّاً ، طوال عمري ملتزمة وخلوقة بشهادة الجميع ، ولكن لا أعرف ما السبب الذي دفعني للتعرف على شاب وكنت أريد مساعدته لأنه متعرض لصدمة من وفاة والده وهو المسؤول عن إخوته وأمه وذهب في طريق رفقاء السوء ، نصحته وأحسست أنه من واجبي الوقوف بجانبه ونصحه ، مع الأيام عاد لدراسته وترك رفقاء السوء وتغير كليّاً ، سألتْه أمه عن السبب فحدَّثها عني، فكلمتني وشكرتني على صبري مع ولدها ، أتى ذات يوم زيارة ليراني ، لا أعرف لماذا لم أتردد ، وذهبت لأراه ، وأحسست كأنه أخي ، وأخذنا الوقت وحدث ما حدث ، للأسف ، يريد الآن التقدم لخطبتي ، ولكن مستحيل ، فهو يصغرني بـ 3 سنوات ، وهو من غير جنسيتي ، وأنا الآن حامل أريد الستر والتوبة . أعلم أني أخطأت ، وسوف تلومونني بشدة ، ولكن أريد التوبة ، وأريد الحل.


وأخيرا، أيا نفس توبي



ينصحك الشيخ محمد حسين بعقوب فيقول لك:"
اعلم أن أعدى عدو لك هو نفسك التى بين جنبيك ، وقد خلقت أمارة ًبالسوء ، ميالةً إلى الشر ، وقد أمرْتَ بتقويمها وتزكيتها وفطامها عن مواردها ، وأن تقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها ، فإن أهملتها جمحت وشردت ، ولم تظفر بها بعد ذلك ، وإن ألزمتها بالتبويخ ، رجونا أن تصير مطمئنة ، فلا تغفلن عن  تذكيرها.
وسبيل ذلك أن تقبل عليها، فتقرر عندها جهلها وغباوتها، وتقول: "يا نفس  ما أعظم جهلك ! تدّعين الذكاء والفطنة وأنت أشد الناس غباوة وحمقاً  ! أما تعلمين أنك صائرة إلى الجنة أو النار ؟ فكيف يلهو من لا يدري إلى أيتهما يصير ؟! وربما اختطف في يومه أو في غده !أما تعلمين أن كل ما هو آت قريب ، وأن الموت يأتي بغتة من غير موعد، ولا يتعلق بسن دون سن ، بل كل نفس من الأنفاس يمكن أن يكون فيه الموت فجأة ، وإن لم يكن الموت فجأة ،كان المرض فجأة ، ثم يفضي إلى الموت . فمالك لا تستعدين للموت وهو قريب منك؟
يانفس، إن كانت جرأتك على معصية الله تعالى لاعتقادك أن الله لا يراك، فما  أعظم كفرك  ! وإن كانت مع  علمك باطلاعه عليك ، فما أشد رقاعتك ، وأقل حياءك! ألك طاقة على عذابه ؟ جربي ذلك بالقعود ساعة في الحمام ،أو قربي أصبعك من النار .
يا نفس ! إن كان المانع لك من الاستقامة حب الشهوات، فاطلبي الشهوات الباقية الصافية عن الكدر في ملك مخلد، ورُبّ أكلة منعت أكلات .
وما قولك في عقل مريض أشار عليه الطبيب بترك الماء ثلاثة أيام ليصح ويتهيأ  لشربه طول العمر ؟! ، فما مقتضى العقل في قضاء حق الشهوة ؟ أيصبر ثلاثة أيام  ليتنعم طول العمر ؟ ، أم يقضي شهوته في الحال ثم يلزم الألم أبدا ؟، فجميع عمرك بالإضافة إلى الأبد-الذي هو مدة نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار - أقل من ثلاثة أيام بالإضافة إلى جميع العمر ، بل أقل من لحظة بالإضافة إلى عمر الدنيا . وليت شعري! ألم الصبر عن الشهوات أشد وأطول ، أم النار في الدركات ؟ ، فمن لا يطيق الصبر عن ألم المجاهدة ؛ كيف يطيق ألم العذاب في الآخرة ؟
أشغلك حب الجاه؟ أما بعد ستين سنة أو  نحوها ، لا تبقين أنت ولا من كان لك عنده جاه ؟! هلا تركت الدنيا لخسة شركتها ، وكثرة عنائها ، والخوف من سرعة فنائها ؟، أتستبدلين بجوار رب العالمين صف النعال في صحبة الحمقى ؟! قد ضاع أكثر البضاعة ، وقد بقيت من العمر صبابة ، ولو استدركت ندمت على ما ضاع ،  فكيف إذا أضفت الأخير إلى الأول ؟!
  اعملي في أيام قصار لأيام طوال ، وأعدي الجواب للسؤال. اخرجي من الدنيا خروج الأحرار ، قبل أن يكون خروج اضطرار .إنه من كانت مطيته الليل والنهار ، سير به وإن لم يسر . تفكري في هذه الموعظة / فإن عدمت تأثيرها ، فابكي على ما أصبت به ، فمستقى الدمع من بحر الرحمة   كان  في خد عمر بن الخطاب خطان أسودان من كثرة البكاء ..وكان في وجه ابن عباس كالشراك  البالي من الدموع .. كان الحسن يبكي حتى يرحم ... وكان الفضيل بن عياض يبكي في النوم من كثرة بكائه بالنهار ، حتى يتنبه أهل الدار ببكائه.  وكان عطاء يبكي في غرفة له حتى تجري دموعه في الميزاب ، فقطرت يوما إلى الطريق على بعض المارة ، فصاح : "يا أهل الدار ، هل ماؤكم طاهر ؟" فصاح عطاء :" اغسله ، فإنه دمع من عصى الله" .. قالوا للعطاء السلمي : "ما تشتهي؟". قال : "أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي" قال الحسن:"لو بكى عبد من خشية الله لرحم من حوله ، ولو كانوا عشرين ألفا"وقيل لثابت البناني:" عالج عينك ولا تبك"  فقال:"وأي خير في عين لا تبكي" . .
إخوتاه . . هكذا كان سلفنا يحاسبون  أنفسهم  على ما يتكلمون به وما يفعلونه ، فيقيدونه في دفتر ، فإذا كان بعد العشاء حاسبوا نفوسهم واحضروا دفترهم ، ونظروا  فيما صدر منهم من قول وعمل ، وقابلوا  كلا بما يستحقه ، إن استحق استغفارا استغفروا ،أو توبة تابوا أو شكرا شكروا،  ثم ينامون وكان بعضهم يحاسب نفسه على الخطرات ، فكان يقيد ما تتحدث به نفسه وما تهم به ، فيحاسبها  عليه" . فاللهم اهدي نفوسنا وقنا شرها ياأرحم الراحمين.


                                                                                           كتبه : أ. زكرياء الرحماني


0 commentaires:

Enregistrer un commentaire