samedi 1 mars 2014

قصص بعض من شرح الله صدرهم للتوبة

قصص بعض من شرح الله صدرهم 

للتوبة
من كتاب "العائدون إلى الله"

القصة الأولى: توبة في مرقص

قصة غربية، غريبة جداً، ذكرها الشيخ علي الطنطاوي في بعض كتبه فقال: دخلت أحد مساجد مدينة (حلب) فوجدت شاباً يصلي،

 فقلت: -سبحان الله- إن هذا الشاب من أكثر الناس فساداً، يشرب الخمر، ويفعل الزنا، ويأكل الربا، وهو عاقّ لوالديه، وقد طرداه 

من البيت، فما الذي جاء به إلى المسجد. اقتربتُ منه وسألته: أنت فلان؟!! قال: نعم، قلت: الحمد لله على هدايتك، أخبرني كيف 

هداك الله؟؟ قال:   هدايتي كانت على يد شيخ وعظنا في مرقص، قلت مستغرباً، في مرقص؟!! قال: نعم، في مَرقص!! قلت: كيف 

ذلك؟!! قال: هذه هي القصة، فأخذ يرويها فقال: كان في حارتنا مسجد صغير، يؤم الناس في شيخ كبير السن، وذات يوم التَفَتَ 

الشيخ إلى المصلين وقال لهم: أين الناس؟! ما بال أكثر الناس 
 
 وخاصة الشباب لا يقربون المسجد ولا يعرفونه؟!! فأجابه المصلون:

 إنهم في المراقص والملاهي، قال الشيخ: وما هي المراقص 

والملاهي؟!! ردّ عليه أحد المصلين: المرقص صالة كبيرة، فيها خشبة 

مرتفعة تصعد عليها الفتيات عاريات أو شبه عاريات يرقصنَ، والناس 

حولهنَ ينظرون إليهن، فقال الشيخ: والذين ينظرون إليهن من المسلمين؟ قالوا: نعم، قال: لا حول وقوة إلا بالله، هيا بنا إلى تلك 

المراقص ننصح الناس، قالوا له: يا شيخ، أين أنت، تعظ الناس وتنصحهم في المرقص؟! قال: نعم، حاولوا أن يثنوه عن عزمه، 

وأخبروه أنهم سَيُواجَهون بالسخرية والاستهزاء، وسينالهم الأذى فقال: وهل نحن خير محمد صلى الله عليه وسلم؟! وأمسك 

الشيخ بيد أحد المصلين ليدله على المرقص، وعندما وصلوا إليه سألهم صاحب المرقص: ماذا تريدون؟!! قال الشيخ: نريد أن 

ننصح من في المرقص، تعجب صاحب المرقص، وأخذ يمعن النظر فيهم ورفض السماح لهم، فأخذوا يساومونه ليأذن لهم، حتى 

دفعوا له مبلغاً من المال يعادل دخله اليومي، وافق صاحب المرقص، وطلب منهم أن يحضروا في الغد عند بدء العرض اليومي..

 قال الشاب: فلما كان الغد كنت موجوداً المرقص، بدأ الرقص من إحدى الفتيات، ولما انتهت أسدل الستار ثم فتح، فإذا بشيخ وقور 

يجلس على كرسي، فبدأ بالبسملة وحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بدأ في وعظ الناس الذين 

أخذتهم الدهشة، وتملكهم العجب، وظنوا أن ما يرونه هو فقرة فكاهية، فلما عرفوا أنهم أمام شيخ يعظهم، أخذوا يسخرون منه، 

ويرفعون أصواتهم بالضحك والاستهزاء، وهو لا يبالي بهم، واستمر في نصحه ووعظه، حتى قام أحد الحضور وأمرهم بالسكوت 

والإنصات حتى يسمعوا ما يقوله الشيخ

 قال: فبدأ السكون والهدوء يخيم على أنحاء المرقص حتى أصبحنا لا نسمع إلا صوت الشيخ، فقال كلاماً ما سمعناه من قبل، تلا 

علينا آيات من القرآن الكريم، وأحاديث نبوية، وقصصاً لتوبة بعض الصالحين، وكان مما قاله: أيها الناس، إنكم عشتم طويلاً 

وعصيتم الله كثيراً، فأين ذهبت لذة المعصية. لقد ذهبت اللذة، وبقيت الصحائف سوداء، ستسألون عنها يوم القيامة، وسيأتي يوم 

يهلك فيه كل شيء إلا الله سبحانه وتعالى، أيها الناس، هل نظرتم إلى أعمالكم إلى أين ستؤدي بكم؟ إنكم لا تتحملون نار الدنيا، 

وهي جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم،  فكيف بنار جهنم؟ بادروا بالتوبة قبل فوات الأوان. قال: فبكى الناس جميعاً، وخرج 

الشيخ من المرقص، وخرج الجميع وراءه، وكانت توبتهم على يده، حتى صاحب المرقص تاب وندم على ما كان منه.


القصة الثانية: توبة رجل عاصٍ على يد ابنه الأصم.

هذه القصة من عجائب القصص، ولو لا أن صاحبها كتبها لي بنفسه، ما ظننت أنها تحدث، يقول صاحب القصة وهو من أهل 
 
المدينة النبوية: أنا شابّ في السابعة والثلاثين من عمري، متزوّج، ولي أولاد، ارتكبت كل ما حرم الله  من الموبقات، أما الصلاة   

فكنت لا أؤديها مع الجماعة إلا في المناسبات فقط، مجاملة للآخرين، والسبب أنّي كنت أصاحب الأشرار والمشعوذين، فكان 

 الشيطان ملازماً لي في أكثر الأوقات، كان لي ولد في السابعة من عمره اسمه مروان، أصمّ أبكم، لكنّه كان قد رضع الإيمان من 

ثدي أمّه المؤمنة، كنت ذات ليلة أنا وابني مروان في البيت كنت أخطط ماذا سأفعل أنا والأصحاب وأين سنذهب؟ كان الوقت بعد 

صلاة المغرب، فإذا بابني مروان يكلّمني(الإشارات المفهومة بيني وبينه) ويشير إلي: لماذا أبتِ لا تصلّي؟!  ثم أخذ يرفع  يده إلى 

السماء، ويهدّدني بأن الله يراك، وكان ابني في بعض الأحيان يراني وأنا أفعل بعض المنكرات، فتعجبت من قوله. وأخذ ابني يبكي 

أمامي، فأخذته إلى جانبي لكنّه هرب منّي، وبعد فترة قصيرة ذهب إلى صنبور الماء وتوضأ، وكان لا يحسن الوضوء، لكنه تعلم 

من أمه التي كانت تنصحني كثيراً بدون فائدة، وكانت من حفظة كتاب الله. ثم دخل عليّ ابني الأصم الأبكم، وأشار إليّ أن انتظر 

قليلاً، فإذا به يصلّي أمامي، ثم قام بعد ذلك وأحضر المصحف الشريف ووضعه أمامه، وفتحه مباشرة دون أن يقلّب الأوراق، 

ووضع أصبعه على هذه الآية:{يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً} ثم أجهش بالبكاء، وبكيت معه 

طويلاً، فقام ومسح الدمع من عيني، ثم قبّل رأسي ويدي، وقال لي بالإشارة المتبادلة بيني وبينه ما معناه: صل يا والدي قبل أن 

توضع في التراب، وتكون رهين العذاب .. وكنت -والله العظيم- في دهشة وخوف لا يعلمه إلا الله، فقمت على الفور بإضاءة أنوار 

البيت جميعها، وكان ابني مروان يلاحقني من غرفة إلى غرفة، وينظر إلىّ باستغراب، وقال لي: دع الأنوار، وهيّا إلى المسجد 

الكبير -ويقصد الحرم النبويّ- فقلت له: بل نذهب إلى المسجد المجاور لمنزلنا، فأبى إلا الحرم النبوي، فأخذته إلى هناك، وأنا في 

خوف شديد، وكانت نظراته لا تفارقني ألبتة، ودخلنا الروضة الشريفة، وكانت مليئة بالناس، وأُقيم لصلاة العشاء، وإذا بإمام 

الحرم يقرأ من قول الله  تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء 

وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}فلم أتمالك نفسي من 

البكاء، ومروان بجانبي يبكي لبكائي، وفي أثناء الصلاة أخرج مروان من جيبي منديلاً، ومسح به دموعي، وبعد انتهاء الصلاة 

ظللت أبكي وهو يمسح دموعي، حتّى إنّني جلست في الحرم لمدّة ساعة كاملة، حتّى قال لي ابني مروان: خلاص يا أبي، لا تخف، 

فقد خاف عليّ من شدّة البكاء، وعدنا إلى المنزل، فكانت هذه الليلة من أعظم الليالي عندي، إذ ولدتُ فيها من جديد،  وحضرت 

زوجتي، وحضر أولادي، فأخذوا يبكون جميعاً وهم لا يعلمون شيئاً مما حدث، فقال لهم مروان: أبي صلّى في الحرم، ففرحت 

زوجتي بهذا الخبر،إذ هو ثمرة تربيتها الحسنة، وقصصت عليها ما جرى بيني وبين مروان، وقلت لها:أسألك بالله هل أنت أوعزتِ 

له أن يفتح المصحف على تلك الآية، فأقسمت بالله ثلاثاً أنّها ما فعلت، ثم قالت لي:احمد الله على هذه الهداية. وكانت تلك الليلة من 

أروع الليالي وأنا الآن -ولله الحمد- لا تفوتني صلاة الجماعة في المسجد، وقد هجرت رفقاء السوء جميعاً، وذقت طعم الإيمان، 

فلو رأيتني لعرفت ذلك من وجهي، كما أصحبت أعيش في سعادة غامرة وحبّ وتفاهم مع زوجتي وأولادي وخاصّة ابني مروان 

الأصمّ الأبكم  الذي أحببته كثيراً.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire